الثلاثاء، 15 مارس 2022

اللهم أحفظ لنا آيرلندا

المكان: بلفاست

الوقت: الحادي عشرة صباحاً

اليوم: الثلاثاء

التاريخ: الخامس عشر من آذار/مارس 2022م

الموافق: الثاني عشر من شهر شعبان 1443هـ

سؤال بسيط: كيف تعرف أنك في آيرلندا؟ بأن تجد ملصقات ترجو عدم تناول البيرة في الشارع عند تقاطعات المشاة ومدخل الحدائق العامة!

سؤال أكثر بساطة: كيف تعرف أنك في آيرلندا الشمالية؟ بأن تجد عند ذات الملصقات بذات الترجي عند نفس الأمكنة مضافاً لها عبارات كلها شتائم للإنجليز!

في آيرلندا لا تشعر بالغربة، فالكل هنا مثل أبناء عمومتهم الأسكتلنديين، فكليهما لا يحملان في عروقهما الدم الجرماني القذر المفسد للفطرة، فتجد الفخر مع المرح والقهوة المعدة بعناية مع الشاهي الفاخر لو أردت، واللهجة التي تطربك كما لو كانت البزق الإيرلندي يعزف أمامك ( آلة العود الايرلندية) فكما حال مزمار القربة الحاضر في اسكتلندا فهو حاضر هنا أيضا في كلماتهم حركاتهم مزاحهم حديثهم، هنا لا تحتاج جو جميل او مكان لطيف او حتى ناصية تقف عدنها تعيش اللحظة، فكل لحظة معهم هي في حد ذاتها رحلة، فهم - أي الناس - ارحب من المكان!

لا غربان، ولا مكان لطائر البوم في الحدائق، والشمس وإن خجلت خلف الغيوم فهي مثل نادل الحانة الذي ينتظر دخولك البهي فيرحب بك بابتسامة فترسل شعاعها فرحة كضحكة طفل خرج من المدرسة باكراً.


كان أول من استقبلني سائق التاكسي ديلين وقال لي وكأنه يعرفني منذ مدة: أهلا بك في بلفاست!

وكانت المسافة التي تجاوزت الساعة كلها عبارة عن حديث لم أدري في أي نقطة ابتدأ ولم ينتهي، فكلما افتتح زيد فيه ودخل في تشعب جديد مع كل تقاطع ندخل معه في اتجاه الفندق، من الحديث عن الرحلة حتى فرحته انهم سيعودون الاحتفال أخيرا بيوم القديس باتريك، منذ سنتين لم يحتفلوا به بسبب فايروس الصين العظيم: كورونا!

وعندما وصلت لفندقي مبكراً قالت لي موظفة الاستقبال: لا تهتم برسالة موقع الحجز انه يجب تسجيل الدخول عصراً، ما دمت وصلت فأهلا بك سجل دخول الآن ونل قسطا من الراحة، لكن لا يمكن أن نقدم لك وجبة الإفطار بالمطعم، لكن تريد أن نرسله لك إلى الغرفة؟

قلت لها: لعل هذا هو حظ باري ليندون!

فتبسمت وقالت: اذا هاك زهرة كتان لكي تكتمل لديك صورة الرجل!

 وهنا وانا ارسم المشهد هذا وانا انظر للشمعة التي تحترق امامي لتضيء لي النور كي اكتب قفز لي بيت:

عجبت وقد ودّعتها كيف لم أمت

وكيف انثنت عند الفراق يدي معي

فيا مقلتي العبرى عليها اسكبي دمًا

وياكبدي الحرّى عليها تقطعي


فما الأمكنة لولا ناسها!

اللهم أحفظ لنا آيرلندا حرة أبية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق