الخميس، 25 فبراير 2016

عن الكتابة

الكتابة هي حالة التجلي الأخير التي تنفصل بها روحك عن جسدك، ويخرج بها معنى العقل الإفتراضي من المخ، هي تعني أن يموت كاتب النص ويذهب ما بقي من روحه الحية لتتشاكس مع القارئ حول تأويل المعنى، فهل الكتابة أحد أشكال المجاز؟

ربما...هي إحالة لمعنى ضمني ترمز إليه تريد من المتلقي أن يقبضه من سحابة المعنى دونما تأويل، لترى ان في الكتابة تجريب حتى على صعيد الشكل والنص والمعنى

الصورة التي تخرج بها لعلها تحتاج إلى اعادة صياغة في عقلك بعد كل قراء لأي نص .... فالكاتب هو الذي قال وانت الذي تفسر .... لكن الكاتب دائما هو الذي يملك المعنى الأول الخالد التليد لنصه قبل أن يشرحه القارئ، كما يمتلك جذر الكلمة معناها الأول

فأنت عندما توغل في المجاز توجد معاني جديدة فلا تخاف من فاجعة أن تفقد النص فكاتبه ارسله ليخلد من بعد رحيله عنه، وانت ستستحضره كلما إردت الإقتباس

الثلاثاء، 23 فبراير 2016

The Lobster 2015 - تقول لي جرادة الذهب ...



جراد البحر ...
أو كما يحلو للبعض تسميته: السلطعون!

حيوان بحري يعيش لأكثر من مائة عام دون أن يفقد أحاسيسيه أو خصوبته، وإن شعر بضعف في النظر أو العمى فأنه يظل طول هذه السنين ثابتاً يرقب هذا البحر أو ذاك المحيط ...

في عالم سفلي كعالم الغاب تغدو المدينة الفاسدة مسيطرة جاثمة على أنفس الناس مثل ظلام عمق المحيط او البحر الذي يعيش فيه هذا السلطعون ...
تجثم ظلمة المحيظ على ساكينه حتى لا يعرفوا شيئاً سوى ما يقرره لهم البحر نفسه كحكومة شمولية مستبدة لمدينة مظلمة وإن كانت بها كل مقومات الحياة الأساسية للعيش الحيواني ...

لهذا لا تعيش البرمائيات في المحيطات والبحار الشاسعة، انها ترفض هذا الوجود الصارغ لفرض اللون الواحد في طريقة الحياة السمكية في البحر، فيهاجر جراد البحر كجراد الارض في محاورة صارخة لرفض هذه السياسات الجبرية ... 


تقول لي جرادة الذهب
وكنت في الصلاة
تقول لي
طير من الفلاة
يجيء من عذابه
فافتح له الحياة
رأيت
جاء الطائر الغريب
وكنت في اللهب

قاسم حداد



كانت تلك الصورة القاتمة لفرض صورة نمظية لحياة رجل وجد نفسه بمجرد انه فقد شريكة حياته، ليجد ان كل الدنيا تريد ان تأطر حياته ضمن مشروع المدينة الكبير وكأن هؤلاء البشر مجرد مورد من موارد الدولة، ورقم احصائي يُستطاع التحكم به، فوجد في نفسه رهبة المهابة من مواجهة الخوف لأنه وضع نفسه بين خيار واحد: ان يستخدم شريعة الغاب بمقابل شريعة حمورابي التي تفتك بكل من هم حوله، لمجرد ان ظرفا اجتماعيا طبيعيا ألم به فرفضته مدينته القاتمة بطريقة ديستوبيه صرفة ...

ان تستقر في نفسك فكرة الهروب كما تقوم اسراب الجراد الصحراوي او جراد البحر، فهي فكرة ان تبقى منبوذا كبدوي يعيش خارج المضارب في سعيه ليجد فرصة أخرى خارج هذه الديستوبيا ...

لكن أعظم ما يؤرقك هو الثمن الباهض الذي ستدفعه، فكما ان الجراد الصحراوي يحصد ليلقى في الماء المغلي على السنة اللهب، وجراد البحر يُصطاد، والخالد يُبلى جسده، فإن كل أمر له ضريبة تدفعها، فالثائر يقف امام قاتله باسما لأنه على يقين انه مقتول وان الميت هنا هو جسد اعزل بلا سلاح الا من فكرة خالدة!




فحتى الصورة الجميلة خلفها بؤسٌ عظيم
فإن كُنا نزلنا للدنيا بجريرة أبينا آدم، فإن ما نصنعه عليها ليس بذنبه بطبيعة الحال
الغواية هي الدافع الأول والأخير لكل الجمال والقُبح على هذه الدنيا
ويبقى صراع المثالية والسوداوية شاخصاً للأبد!


الخميس، 18 فبراير 2016

عن قول الشاعر

هو -أعني بذلك قوله-في حد ذاته وسيله للهروب، للدخول بالمجاز بعيدا عن واقع المعنى بين قرع النطق وسندان الرسم.

"ذاك الصوت الذي يخرج من أفواه الأعراب الرحلّ ويدونه رسم الشعراء المدنيين لما يسمعونه!"

النص لي -للشاعر أعني- والتأويل للعرّاف ... ويبقى المجاز والمعنى يتشاكسان في فضاء الشعر يقولان متجادلين: قالَ وفسرا!
وأي قول يجمع العرّافين على تفسيره؟ وهو لم ينزل من سماواتٍ عُلا ولا تنبأ به أي متنبئ أو رحمن؟ -سواء كانوا صادقين أو كذابين- لا فرق؛ فللعرّاف قدرة سحرة فرعون في خداع الأعين لترى أن هذا هو الحق في النص المؤول!

هو-أعني بذلك قوله- كتنسيم بالون قد انتفخ وأوشك على الإنفجار الا انه شعر بالراحة كصدر مريض بالربو تنفس الصعداء أخيراً.
كل ذلك التشبيه فيه شبهة الإحتمال بين معنيين، فلا تنتهي شبهة الإحتمال حتى ينتهي عمر العرّاف، يقول-أي العراف-: "قال-الشاعر- وفسرا-أحدهم-"

الأربعاء، 17 فبراير 2016

وإذا بحّت لك أغنيةٌ .... ،

وإذا بحّت لك أغنيةٌ ... ،

إذا تذكرت أي شيء عابر في القديم قدم حياتك على الأرض وجعل صوتك يتحجرش أو تتغير نبرته فتأكد أن شمسك ستشرق من عضب الحكايا العابرة القديمة

لا تبتئس من أي قديم، فكل ما كان هو ما أنت عليه الآن، فإذا الدهر بك دار، لا تخف وقف في وجهه فأنت من ستكمل مسيرة أبيك وستسقي بدمعك أشجاره وأشجارك فأصرخ في وجه الدهر فهمومك كزيادة الجمر على النار لا تؤذيها

لكن تذكر دائما أن تكون غنياً في نفسك وذاتك قبل أن تكون غنياً غنى المادة، فالرضى هو الباقي وهو الذي يقتل كل خصومك وما حُسِدَ إمرؤٌ على نعمة إلا من غيرة الحاسد وهو شأن أبليس مع آدم

فتذكر أن تحمد من يستحقد الحمد سبحانه فهو المعين المجيب الغني الذي تستغني به عن كل أحد؛ فهو الأحد الفرد الصمد

الثلاثاء، 9 فبراير 2016

أناديكم....فهل سمعني أحد؟

أهديكم ضياء عيني..
ودفء القلب أعطيكم..
فمأساتي التي أحيا نصيبي من مآسيكم!

يقول أحمد قعبور أنه بعد أن قام بأداء هذه الأغنية قام الكيان الصهيوني بإحتلال جنوب لبنان!
فقال له والده بسخرية وسوداويه شديدة:
"إلك سنين عم بتنادي والهيئه ما سمعك إلا الإسرائيليه!!"

وهو لم ينادي لأنه كان يصرخ من ضعف يرجو المساعدة، بل كان يصرخ في وجدان نفسه وأمه عبرت عبر هذه الأماكن وهذه التواريخ، كانت كذلك تنادي وتشد على الأيادي...

كانت فيما مضى لما صرخت وقفت في وجه من ظلمها، تلك الأيادي، وسارت بأصحابها حتى مبتغى لم يكونوا يصبون له...

مشو حتى تلك الصخرة التي تعهدها أحدهم بعدته الخالدة باسمه ومحرابه بجانب أحدى كنائسها...

وتقول الأرض التي كانت تحت نعالهم أنها تفديهم، لأنهم منذ المبتدى وقفوا في وجه ظٌلامهم، تلك الأيادي التي حملت دمها في يدها لتخلص لفكرة آمنت بها وأعتقدتها ديناً...

وظلت تنادي حتى بعدما رحل أهلها، فهل خلقها الجديد يسبح بحمد غير من لا غيره يستحق المدح؟

وظلت تنادي حتى أرادت أن تقول:
"فعسى باجتماعنا سوف يقضي"

فهل تجتمع الأيدي؟