الأحد، 31 ديسمبر 2017

كما لو كانت جدارية ..

‏ليس نصاً يُكتب!
ليس حكايةً تُروى!
ليس شعراً يُنظم!

كثر مروا
ارتحلوا
عبروا
كحديث عابر في كلام عابر، لم يكن سوى شيء يسرد على آذان مستمعين، كأهزوجة ترددها جوقة في خلفية حكاية لرقصة شعبية توثق كل ما عداها؛ لتظل حية!

وهل تموت؟

‏كل شيء يموت، حتى المحبرة تجف!
لا عنب يرطب الحلق، ولا رطب يرطب الجوف، ولا ماء يروي الأرض، كل شيء يستحيل للسكون.

فهل تموت؟

لعل الرواية هي الباقية، تذكيها ألسن، كألسنة اللهب، تذكي الجمر، حتى تظل النار متقدة.
لكن ما أن تخبو حتى يطير الرماد كرفاة تذروه الرياح، فتعود سيرتها الأولى.

‏لم تكتب!
ولم تروى!
ولم تنظم!
فقط: عابر في حديث عابر، كمسافر مر من هنا، ولم يقيم.

أتُراه يعود؟
ربما يعود ..
لعله يعود!

الخميس، 28 ديسمبر 2017

بين الاحتفائية والانتقائية

فكرة وعنوان المقال قد خرجت من رحم نقاش مع محمد السدحان @0MOS0

وأهديها للرفيق العزيز يزيد العيسى @YzdAE

....

في ظل ارهاصات عديدة، تبرز أهمية مسألة معينة، وسؤال قديم قدم الوجود:

أيهما أسبق: الحالة الفنية أم الحالة النقدية؟

معظم الفنانين والنقاد والأدباء ميالون للفكرة التالية: "أن الحالة الفنية توجد الحالة النقدية"
وإن كان البعض بؤمن بالعكس، في الحالين، الحالة النقدية ضرورية في تقييم الحالة العامة، وتوجيه الذوق العام، وتقنين الكيف مقابل الكم.

عند أي ظهور جديد على ساحة ما، خصوصا ان كانت ساحة لا تعاني عسر هظم أبدا، تبرز حالة احتفاء بما هو جديد، لانه يقدم محتوى مختلف عن السائد، واذا صادف انه ذو جودة في نواحي ما، فيزيد من سعار نار الاحتفاء سعارا، لكن مع مرور الوقت، لابد من الخروج من هذه الحالة الاحتفائية، الى حالة انتقائية!

لان السماح بمرور كل ما هو مختلف عن السائد، لمجرد انه مختلف، وهو يلوك ذات الأطر والأفكار واللوحات، ويعيد تقديمها بذات القوالب وان بدت جماليتها، لكنها تجمد المبدع في نقطة محددة، تحت فكرة ان الساحة لا تعاني عسر هظم أبداً.
الحالة الانتقائية تساعد على وجود حالة تفضي لمناخ نقدي مستقبلا، تساعد على ان يفرز ما بين ما يستحق الاحتفاء حقا، وبين ما هو مكرور، سواء كان جيدا أم غير ذلك، أو ما هو غثاً يجب أن تلفظه هذه الساحة التي لا تعاني عسر الهظم أبداً، لانها في النهاية ستصاب بتخمة، لا يرجى معها الشفاء أبداً

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب.

الأربعاء، 6 ديسمبر 2017

أنتا بتحب مصطفى متلي؟

أنا بحبك يا مصطفى....

هذا المصطفى، كان بمثابة أعلان أنه ابن الإسكندرية التي أشعت بنور منارتها العالمية في مطلع خمسينات القرن الماضي، جاء هذا الإعلان على لسان رفاق هذا المصطفى الذي كانوا يقولون عنه:

"يا مصطفى يا مصطفى
أنا بحبك يا مصطفى
سبع سنين في العطارين
امتا حتيجي يا مصطفى"

سبع سنين؟ وفي العطارين؟
هذا يبدو مثل لغز محير!
ثم من هذا المصطفى الإسكندراني؟
وتزداد الأحجية تعقيداً في المقطع التالي:

"تعالا يا مصطفى يا إبن السرحان
جيب تعميرة عجمي و لف ع الجيران
و اما ييجي كيفه .. كيفه
يشرب على كيفه .. كيفه "

حتى نستطيع أن نحل هذا اللغز علينا ان نعود مع الأغنية لمطلع الستينات في مصر، وتحديداً عندما منع مجلس قيادة الثورة هذه الأغنية ظناً منهم أن هذا المصطفى هو "النحاس باشا" مصطفى النحاس مؤسس حزب الوفد ورئيس الحكومة ومجلس الأمة أيام الملكية، المتوفى بالإسكندرية 1965 ، وان السبع سنين المذكورة بالاغنية ماهي إلا ترميز لسبع سنين مرت على اسقاط الملكية وقيام الجمهورية، وذلك عام 1960

لكن كل هذا الحديث يفسر المقطع الأول، لكن ما حكاية التعميرة العجمي للمعسل والأرجيلة والي ييجي كيفه كيف يشرب كيفه كيفه؟

حتى تفهم أكثر يجب أن نعود بالزمن لحقبة أقدم، مطلع الخمسينات عندما صدحت هذه الأغنية للتعبير عن دخول الإسكندرية لبوابة العالمية، حيث كان الكثير من اليونانيين ويهود مصر الإيطاليين والأتراك والإنجليز والفرنسيين يعيشون بها، وتحديداً في "منطقة العطارين" بالإسكندرية، يرتادون الكافيهات والمقاهي والكازينوهات، حيث تجمعات الخواجات "خبيبي" والكثير من النرجيلات والأغنيات الشعبية.
كان بوب عزام مصرياً يهودياً من أصل لبناني، حقيقة الأمر أن بوب مثل مصطفى الذي أخترعه، حيث مع مرور الزمن أصبحا كالأساطير الشعبية، الأكيد أنه هو من إستطاع نقل هذه الأغنية، ذات الكلمات المركبة من المحكية المصرية واليونانية والتركية، للعالم خارج مصر، هاجر مع مطلع السيتينات لسويسرا وابتاع مقهى ليلى هناك في جنيف، وبقي فيه يحكي حكاية مصطفى الذي من حارة العطارين بالإسكندرية ويحب الخلطة العجمية للشيشة المصرية ويشربها، حتى وافته المنية عام 2004

عندما منعت الأغنية مطلع الستينات، استقال مدير التصنيف والرقابة السينمائية من منصبه، احتجاجاً على منع الأغنية، بسبب التأويل الهزيل الذي ذكرناه آنفا، خصوصاً أن مصطفى النحاس لم يتوفى بعد حينها، كان ذلك المدير هو الأديب نجيب محفوظ، والذي بدوره أيد السادات في خطوته بخصوص كامبديفيد!
الذي ساعد في نشر الأغنية عربياً هو فيلم إسماعيل ياسين "الفانوس السحري"، وفيلم "الحب كده" والذي جمع صباح مع صلاح ذو الفقار، ومنها الى دول العالم القديم: اسبانيا، فرنسا، بريطانيا، اليونان، قبرص، وحتى الهند.

عندما تجمع أطراف هذه الحكاية المثيرة خلف هذه الأغنية البسيطة الشعبية، تكتشف أن الأمر لا يتعدى بساطة الحكاية الشعبية، وإن كان بعمق الأسطورة.

ويا مصطفى يا مصطفى .... انا بحبك ياااااااااا مصطفى ،،،
https://soundcloud.com/moh-talaat/mjsy7rwduwps

الأربعاء، 8 نوفمبر 2017

كأس العالم عادت إلّي من جديد (2014) !


~ إهداء إلى أحمد مرعي ( )



لم أكن يوماً لأطلقها، لربما جافيتها، لكن لكل فعل متبريره لدي؛ تلك الخسارة النكراء أمام ألمانيا الإتحادية عام 2002 أنستني نفسي، وأنا الذي كنت مثل كابتن ماجد (كابتن تسوبوسا) منذ نعومة أظفاري ألعب الكرة، واشتري أشرطتها على البلايستيشن، وبكيت دماً عندما أخرجتنا السويد في كأس العالم 1994م.

لازلت أتذكر تلك اللحظة التي دخل فيها الهدف الرابع على محمد الدعيع في تلك المباراة المشؤومة، وأنا الذي كنت قبلها أصلع أنتل التلفاز بحكم أن المبارة منقولة على التلفزيون السعودي، حتى أكافئ بهذه الثمانية! أعتبرت الأمر مسألة شخصية وهزيمة شخصية!
المضحك المبكي أن هذا المنتخب هو الشيء الوحيد الباقي الذي يجمعنا كسعوديين، وإذاً ما الذي جرى بالله عليكم؟

الجمعة، 25 أغسطس 2017

بكل فصول الزمان .. قراءات قراءات ..

بكل فصول الزمان .. قراءات قراءات ..
ستعشب ورقة الخريف بالمطر ..

== == ==

طول عمري أكره فصل الخريف! رغم رمزيته العظيمة؟

== == ==

البداية ..
...
..
.
لم خرج الرسام في هذا الجو العاصف من غرفته؟
ها قد عاد!
أين كان؟

 كان جسمه باردا ً ،

 استلقى على سريره، كما لو كان جذع شجرة ٍ هرم ..

في الصباح ..
فتحت النافذة، حتى أجد كرمتي، شجرت العنب! وورقة الصفراء بقت صامدة!
وكأنها بقت للأبد!

ذهبت له بسرعة، لأسأله عن سبب بقاء الورقة الأخيرة على كرمتي البائسة!
ذهبت مسرعاً على الدرج!


جورج .. جورج ..

.. هاه!


لقد كان ميتا ً ..
وابتسامة الرضى على وجهه ..
لقد خرج في تلك الليلة العاصفة .. ورسم ورقة العنب الأخيرة .. مستنفدا ً كل طاقته ..
وكأنه الطبيب الذي وصف لي .. ولها - اي كرمتي - الدواء الشافي ..
ورقة متمسكة بغصنها للأبد ..

لم يكن عبقريا

لم يكن فذا

لم يكن مميزا

لكنه كان يرغب أن يجد شيئا ما يشهد له!

لكن أراد صنع أمراً ما، شيئا ما غلب على نفسه دونما أي شيء إلا من رغبة داخلية فيه للرسم، بالرغم من ضغف الملكة على عظمة الموهبة!

لكنه شيء تمكن منه وانقضى بانقضاء حياته!

== == ==

واستمر سقوط الثلج في ذلك اليوم بشدة ..
استمر بدون توقف ..
وكأنه يقف ُ حدادا ً للرسام العظيم ..

== == ==

~ تمت ~

Skyfall .. لم يَصح بي قاتلي: إنتبه !





اللحظات المريرة هي التي ترى فيها طائر الموت وهو يرفرف فوق المبارزة الخاسرة، لا يهمه من المنكسر ومن المنهزم في كلا الحالين حتى المثخن بجراحه هو ميتٌ لا محالة!

Skyfall هو الأجمل في سلسلة دانيال كريغ، وعودة خلابة لكريغ / بوند بعد سقطة كوانتم، واتساق مع سلسلة بوند في يوبيلها الفضي.

رصاصة الرحمة لبوند هذه كانت كفيلة لأن يختفي عن الأنظار ويعيد حساباته من جديد، كحالة الأسر التي وقع فيها في فيلم بوند الأسبق Die Another Day ليعود من الظلمات بعد أن فتح حساباتٍ جديدة مع الجميع، أولهم نفسه، ليجد كلاً من M و Q يتلقفانه بالمساعدات ليستطيع النهوض من جديد.

Skyfall هو سقطة الثائر التي يعقبها نهوض متحطم يلملم شتات الممزق، بدهشة الصبيان لا يدري من أين تأتي الطلقة القادمة، إلا أن غرور وخيلاء الجاسوس التليد هو الطاغي وإن كان خلفة تهشمات على جدار النفس، تحيل له ذكريات من زوايا حياته القديمة، لا حل لدى كل ذلك الكبرياء إلا الرفض حتى تستمر الجاسوسية قدماً.

إعادة طرح لبوند من جديد، البدايات الأولى والنهايات الأولى، بشكل كلاسي في نواحي ومعاصر في ناحية! تجعلك تستحضر كل ذلك التاريخ البوندي لخمسين سنة مضت، وتتذكر: أليس أول جيمس بوند أسكتلندي! ..... اسكتلندا البلد الثائر على رحم الأم كان له ظهور داعب مخيالي ووجداني، ليدخل بوند إليها وهو يقول:"هذا المكان الذي تربيت فيه وذاك هو المنزل، لطالما كرهت هذا المكان ولم أحبه ".

بتقاطعات عدة مع أفلام مختلفة سواء البوندي منها او غيره يظل هذا مختلفا ... وواحد من اجمل اداءات  لأعداء جيمس بوند لــ Javier Bardem مع الرائع Christopher Walken في فيلم روجر مور/ بوند A View to a Kill

Skyfall....، بدايات وخواتيم!




كتبت في غُرّة كانون الأول-ديسمبر لعام 2013 ميلادية

الأربعاء، 23 أغسطس 2017

هاتف

تجلس متأملاً على كرسي مكتب العمل الذي يخصك، تنظر لإصيص النبت الصناعي الذي بجوارك وأنت مميل رأسك، واضعاً يدك اليسرى عند فمك، السبابة على شفتيك، وبقية أصابعك تحتها، تنظر ... وتنظر ... وتنظر ...
هه! فجأة، تتحرك من كرسيك، وكأن رعشة ألمت بك، يسألك من حولك ما بك؟
تدير رأسك بدهشة، تقول: " هاه ماذا! لا شيء! قشعريرة برد كانت! اغلقوا التكييف فإنها أيام شتاء ".
وتنسحب بهدوء من جديد، وتعيد ذات الجلسة، ولكن هذه المرة وأنت تبحث عن قلمك،
يرن جرس هاتفك، ليس هاتف المكتب بطبيعة الحال، أنما هاتف عقلك الذي أورثك هذه الرعشة التي تحايلت عليها، ولا يزال يلح عليك هذا الهاتف، وكأنه يأِن!
تمسك رأسك ... " لا تقلقوا ليس صداعاً لكن، هل  يمرر أحدكم لي ورقة؟ "
فإذا استلمتها منهم، فأنت تطعنها بقلمك، وتهتكها، لتجد هاتفك يخرج منك ببوح شديد كحالة كشف دونها كشف الصوفية على هذه الورقة، وكأنها روح مؤمن مطمئنة أفضت لباريها!

تم النشر في
25‏/2‏/2015 11:57 ص

السبت، 19 أغسطس 2017

لماذا نحن ثوريون؟

كُتِبَت في الخامس من أبريل-نيسان لعام ٢٠١٤

إهداء إلى:

أبو عمر، محمد السدحان ( @0MOS0 )


" أنت أصلاً إذا جاء طاري جيفارا والثوار تجي مجلعد! "

قالها أحدهم لصديقه في جلسة سمر، ذات ليلة باردة في وسط صحراء عربية، يمر بها وادٍ عتيق،

فرد عليه صاحبه: " ما المانع ..، كوني ثوريّ ؟ لستُ وحدي على كل حال ! "

في صباح اليوم التالي، إنبثق هذا السؤال: لماذا نحن ثوريون؟


ذكرياتٌ كثيرةٌ توجع القلب، تولد أحساساً بالرفض، لعدة أشياء في مجتمع ما، نعرف منه وننكر، وهو منّا ونحن منهُ، ومع ذلك ما نفتأ نرفض هذه الأشياء حتى حين، لا ندري إلى متى يستمر، وأين سيمضي بنا، يولد فينا أحساساً بالثورة ضدها، فننزوي ظناً منّا أننا نغرد خارج السرب، كالأنبياء!

لكنّي لستُ نبياً! الأنبياء يرفضون المفاهيم، ويثوروا عليها ليعيدوا توظيفها من جديد، أما نحن فنتبنى رؤى، مفاهيم وأطروحات، أملاً في أعادة توظيفها من جديد، فهل نتمكن من ذلك؟ كالأنبياء!

قد قيل لي: " قد مات الثوار، لا أنبياء ولا رُسل! إما بشر أو شياطين أو ملائكة! تنميط في كُلِ ركنٍ من هذا العالم! " وإن يكن؛ إن الإنسان-الفرد الواحد ليس حالة مضطرده، فالمرء في صغره يعبث، فإذا شبَّ ثار وأتقد واستلهم كل تلك الرؤى والأفكار: القومية-الإسلام-الشيوعية-العلمانية-الرأسمالية-الإشتراكية-....الخ يحاول توظيفها من جديد، فإذا تبلورت في رأسه فكرة ورؤية، صار في الثلاثين! خصمه الوحيد هو الوقت!

في محاولة منه ليثور على هذا الخصم، يستعيد مراهقته من جديد، فيتذكر صباه العابث، ويعيد تنقيح تلك الرؤى والأفكار بغربال، ويستعيد ذات السؤال: لماذا نحن ثوريون؟

لماذا نحن قوميون؟

لماذا نحن رأسماليون؟

ولماذا .. ولماذا .. ولماذا ..

ومع تعدد اللماذات، يكتهل المرء فينا، محاولاً صنع ثورة ما ولو على صعيده الشخصي!

" لماذا نحن ثوريون؟ " عندما تتشكل أفكارنا وتوجهاتنا، تتشكل معها تطلعاتنا وأمانينا، تتجزء كل هذه الأشياء في قوالب: ثورة..قومية..علمانية..رأسمالية..لبرالية..الخ بوازعٍ منّا أو بفعل غيرنا، لا فرق؛ فالنتيجة واحدة؛ فحتى لو لم نكن مؤثرين، وحب أن نعتقد أننا كذلك، بل يجب أن نعتقد ذلك، أننا مؤثرين، فالموت لابد إن يأتي، وإذا أتى وقد صرت أرتددتُ إلى أرذل عُمري، أتمنى أن أكون حينا كابن تيمية الذي لم يكفر أحد من أهل القبلة!

لهذا يا صاحبي لا تسألني " لماذا نحن ثوريون ؟ " فأفكارنا وأطروحاتنا ورؤانا هي كمُلك إمرئ القيس يحاوله أو يموتَ فيعذرا!


الجمعة، 18 أغسطس 2017

كيف غادرتنا هكذا؟

كيف غادرتنا هكذا فجأة ً، دونما لحظة ِ للوداع ، دونما لحظة للوصية ، دونما همسة للرفاق

قالها الشاعر  أرجان ماري، إن لم تخني الذاكرة، المهم، أن حكايتني عن أمير ليس كمثل الأمراء، الطباع تبدو مختلفة عن أقرانه، لكنه يتلبس بلبوس من يقول أنه منهم.

دائما سعى أن يكون متفرجاً دون أن يتورط فيه، يظن أنه يظن انه سيكون محيط بكل شيء، وهو يظل الغريب القريب!

لا أظن أني احتفظ بأي أحقاد لهذا الذي أدعى هذه الإمرة، لا أحقاد لدي، ولا كراهية، باستثناء ما استخلصه من الوقائع المبتذلة حولي، وأراها فترشدني إليه!

الشك .. فك الرموز التي تركها خلفه، يرمي فكرة، تلو الفكرة، ويلعب بهن -أي الأفكار- فيدافع عنها وعن نقيضها، لأجدني في حيرة، هل هو شخصين لا شخص واحد!

هذه المشاعر تخص من كان قريبا منه، ولكن لما أبتعد، أظهر أن كل تلك الأيام كانت وهما، كان لعبا في الأفكار .. المشاعر .. الأحاسيس .. كلوحة مزيفة من لوحة أنيقة أصلية.

يظن أنه قطف أذنه، ورماها مع زفافه المزعوم، واختفى.
لكنه عاد، ليستعيد؟
وأي ذكرى يستعيد هذا الشخص؟
الليل؟
الركن الصغير؟
الهاتف القديم؟
لم يبقى منهل شيء، إلا أن تبكي حديقة منفاك أمام المنزل، كمناضل كاذب!

-تمت-

عندما جمع أشلاؤه للحياة، وانتثر!

يقول علي أحمد سعيد إسبر:
"مَلِكٌ مهيارْ

مَلكٌ والحلْمُ له قصرٌ وحدائقُ نارْ
واليومَ شكاهُ للكلماتْ
صوتٌ ماتْ!"


هو لم يكن ملكاً، لم يتقلد هذا اللقب على كل حال، لكنه كان يحمل تلك الطباع، تبدو جلية واضحة، يأسرك الحضور الاول وأنت في حضرته، لكني كما قلت، لم يتقلد اللقب قط! إنما هي ألقاب أخرى تناولته.

"مَلِكٌ مهيارْ
يحيا في ملكوت الريح
ويملك في أرض الأسرارْ"

المشكل أنه مات، مات في الذاكرة قبل أن يموت على الحقيقية، وكان هو على رأس قاموس التائهين، لم يكن الرقم الأول، لكنه كان رقما صعبا.

كانت الريح تنقل أحاديثه كما تنثر رفاة الموتى، وكأنه شيئا لم يكن .. لم يعش .. لم يمر حتى .. كطيف خيال زار أرضاً ومضى، تاركا أرسرار في أرض الأسرار.

ضيع خيط الأشياء وانطفأت"
نجمة إحساسه وما عثر
حتى إذا صار خطوهُ حجر
"وقورت وجنتاه من ملل

هو أحرق جميع الصفحات، الكتاب باقٍ متواتر، تتناقله الألسن وأحاديث الناس، كعهد قديم لم يصيبه التحريف ولم يتناوله التأويل، إنما كالمجاز، له لبوسات جديدة.

حتى إذا بدى لنا السراب يتبدى، صار كل شيء يتلبد ببرود شديد، ليعيد تشكيل الصورة بإهابها القديم، وكأن من لزوم الأشياء أن تتبدد لتنتهي الأسطورة حولها، عند هذه اللحظة للأبد!

جمع أشلاءه على مهل"

"جمعها للحياة، وانتثر

لملم كل شيء وكأنما يستجمع قواه، تخلص من كل الألقاب الملكية، من الأمير للفارس والنبيل والكونت والقمص والسيد والبارون والدوق والاسبيتاري وحتى المبجل، تركها للحياة وأنتثر أمامي وأمام تلك اللحظة لينتهي كل شيء على مهل، مطويا كل الصحف!

السبت، 12 أغسطس 2017

كيف نحاكم مبدع؟ هيدوكوجيما نموذجاً [2-1]


في ظل إرهاصات أصدار الجزء الجديد من ميتال جير سوليد الأخير، وما حام حوله من موجة عارمة من المعجبين الذين يرون فيه إلهاً لمطوري الألعاب، فيجب أن نؤكد أن هذه الوثنية في التقييم
 يجب أن تنتهي! 
فالسيد المبجل كوجيما سما، هو مجرد إمتداد لمبدعين يابانيين متأثرين بالإنتاج الإنساي عبر أنحاء المعمورة، كونك يا سيدي المعجب الأعمى المغيب على بصيرته أنك ترى ذلك التأثير في لعبة فيديو لا يعني أن تحول الإنتاج إلى شيء يندرج وكأنه إلياذة جديدة، أو ملحمة جلجامش أخرى، فهذا يا عزيزي يخرج من كونه إعجاباً مفرطاً بعمل ما، ومن تقييمه العالي له، إلى شيء أشبه بالكتاب المقدس!

كيف نحاكم مبدع؟ هيدوكوجيما نموذجاً [1]



يومي منك يا كوجيما يومٌ طويل ! "

باستحضار هذه العبارة بتصرف عن أحد الخلفاء، الذي تذكر معارضاً له قتلهُ وهو في سكرات الموت قال:" يومي منك يا فلان يومٌ طويل" أي: سيحاسبني الله على قتلك في يومٍ طويل!

لطالما طال السجال حول سلسلة ألعاب الفيديو الخالدة ميتال جير سوليد، وأي أجزاء السلسلة يعتبر هو الأكمل والأجمل والأكثر خلوداً في الوجدان، ولطالماً بناء على هذه الاختيارات للأجزاء ننتقد كوجيماونؤنبه من خلال الأفكار التي يطرحها، وإخراجه للسلسلة، وطول العروض ومساحة اللعب من قصرها .... الخ

لكن من أين ننطلق ؟ ..... ليكن البدء بسؤال:

كيف نحاكم مبدع ما على ما يطرحه من أفكار؟
أنت لا تستطيع أن تحاكم مبدع ما على أي أفكار يطرحها لك من خلال عمل فنّي ما، لكنك تحاكم المنتج الذي أخرج لك به هذه الأفكار!
بمعنى:
- أنت لا تستطيع أن تؤنب كوجيما لأنه يركز تارةً على الخيال العلمي أو أنه يجنع للسياسة أو انه يتكلم عن دراما الحروب ... إلخ ويركز على جانب دون آخر؛ فهذه أفكاره هو أراد أن يناقشك بها ويتعاطا معك حولها بطريقة إبداعية جمالية، فإما أن تقبلها أو ترفضها أو تدخل معه في سجال.
- بالمقابل، تستطيع أن تقول له، لم استخدمت طريقة سبيلبيرغ التي تعتمد على الإبهار البصري في إخراج هذا المشهد الحواري، ولم تستخدم طريقة كوروساوا المسرحية في إخراج ذات المشهد.

في الثانية أنت تنتقد طريقة عرض المحتوى، اما المحتوى فأنت تتناقش فيه، وبين الإثنين بونٌ شاسع!

المبدع عندما يطرع أسئلته ورؤآه عبر شكل فنّي معين، فهو ينتظر شيئين من المتلقي معاً - ( سواء أكان هذا المتلقي لاعب أو ناقد ) - :
تعاطيك مع الأفكار ( الفكري منها والفنّي ) & نقدك لأسلوب الطرح ( في الشكل والمضمون )

والملاحظ على كل نقاشاتنا حول أجزاء السلسلة من تفضيل او تحبيذ أو ذم فجلّه إن لم يكن كلهُ يحوم حول حمى الطرح والشكل الذي قدمت فيه اللعبة، وليس الأفكار!
كوجيما لا ينتظر منّا نقدنا لأفكاره، بل تعاطينا معها، وعندما استمع لنا، لم يستمع عندما تحدثنا حول دراما الحرب، أو سوداوية شخصية ذا سورو، أو التركيبة السياسية المعقدة حول شخصية سوليدوس ... إلخ، بل استمع لنا عندما تحدثنا عن طول العروض السينمائية من قصرها، عن حجم القيم بلاي، عن المحاكاة الفجة لبعض اللحظات السينمائية الخالدة، عن طريقة طرح الحوارات واللغة المستخدمة ... إلخ،

المبدعين في الفنون ليسوا ككتاب الصحف!
لا ينتظرون آرائنا فيما يطرحون من فكر، ولا تقييمنا لها، بل ينتظرون تعاطينا مع الفكرة، وتقليبها وإثارة أسئلة جديدة عن طريقها!
أما كاتب الصحيفة كالسائس على مكتبه، وكخطيب الجمعة على المنبر، ينتظرون تقييمنا لأفكارهم، وكأننا نقيمهم هم، ولا يوجد عندهم شيء اسمه " موت الكاتب " ولهذا خُلق كتّاب الرأي كمحاولة للثورة!

لهذا يا أصدقائي مهما فعل كوجيما، ومهما تساجلت معه، أو إنتقدته، فأنا راضٍ؛ يرسل ابداعه حتى المنتهى، يثريني ويغذي أسألتي، ويبعث فيني أملاً حول صناعة أتابعها ولو عن بعد، ويذكرني بكل الأمور التي أحب، فرقتنا اللغة والمكان، وجمعنا الفن!

لهذا كُنتُ أقول: " يومي منك يا كوجيما يومٌ طويل! "


كتبت في الثلاثين من يونيو-حزيران 2013

ما وراء ليالي فارس الظلام - رسائل سردية!

جعبة للزاد..وجعبة للرصاص..
يدٌ للعطاء ويدٌ للأخذ..
قلبٌ واحدٌ لا يحيا ولا يموت..
يدٌ واحدةٌ لا تعطي ولا تأخذ.. أوجاعٌ كثيرةٌ تصنعُ الإنسان..

ككل بطل في التاريخ، صورة قشرية متماسكة كزجاجة تنتظر سقوط البرد كي يحطمها،
 ولم لا؛ فخلف كل صورة الكثير من الحكايا الخفية.
فارس الظلام هو يحارب مخاوفه، ليس مخاوف الوطواط الذي كان يهاجمه وهو في غياهب الجب، لا بل هي مخاوف نفسه الأمارة، وبم تأمره؟

صفحات من نوتة الموت، بقلم سيزيف!

صفحات من نوتة الموت...،بقلم زيزيف..!!


- - - - - - - - - - - - - - -


سيزيف " لم تعد على أكتافه الصّخره 
يحملها الذين يولدون في مخادع الرّقيق 
و البحر .. كالصحراء .. لا يروى العطش 
لأنّ من يقول " لا " لا يرتوي إلاّ من الدموع ! 
.. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق 
فسوف تنتهون مثله .. غدا 
و قبّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق 
فسوف تنتهون ها هنا .. غدا 
فالانحناء مرّ .. 
و العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى 
فقبّلوا زوجاتكم .. إنّي تركت زوجتي بلا وداع 
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراع 
فعلّموه الانحناء ! 
علّموه الانحناء ! 
الله .. لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا ! 
و الودعاء الطيّبون .. 
هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى 
لأنّهم .. لا يشنقون !

- - - - - - - - - - - - - - -

يحكى أنه في اليابان كان هنالك طالب في المدرسة شاهد دفترا ً كالمفكرة سقطت من عل ِ واستقرت على الأرض خرج الطالب لها في وقت الفراغ ليجدها تنتظره وكأنه كان مقدر له أن يلتقطها.


التقطها..تصفحها..سخر منها.."كيف لمن أكتب اسمه هنا وبعد دقائق يموت بسكتة قلبية"..ولكن هذا مذكور في المفكرة..لم يكن أمامه إلا امتحان هذه المفكرة..


في الليل..في الغرفة المظلمة..أمام التلفاز مجرم مطلوب للعدالة وتتناقل أخبار التلفزة أخباره.."هذا خير امتحان"..سحب القلم..سجل الاسم..دقائق تمضي.."وتجد الشرطة المطلوب متوفى بسكتة قلبية"..!!


لم..؟


ما السبب..؟


ببساطة..آلهة الموت كانت تعاني من الملل بسبب حياتها الروتينية المكررة الجوفاء الخالية من التجديد..،فقام أحدهم من باب التسلية وتغيير الجو الممل السائد بإلقاء نوتته على الأرض ليتلقفها من كان وليتسلى من خلاله ومعه بمن يسطرهم فيها.
...
..
.
هذه القصة حصلت بعد قرون من الزمن بعد قصتي..،أتعرفون ماذا حصل لي..؟
.
..
...
أنا زيزيف,,

كنت أعيش في اليونان,,

كنت أقوم بالأخطاء تارة..وأمور أخرى تارة أخرى,,

وكانت آلهة العذاب تتصيد خطئي القادم,,

لم ترى كانت تفعل هذا..؟

لأنها كانت تعني من الملل..كل يوم أمر ٌ من سيد الآلهة زيوس الذي خلف والد هرقل في السيادة بتعذيب أناس معينين اخطئوا ..وعندما وقع مني الخطأ اشتكوا لزيوس كثرة خطاي فترك لهم حرية اختيار العذاب المناسب..فكانت فرصتهم..فقام أحدهم باقتراح فكرة..وهي:-
أن أقوم بدحرجة صخرة من سفح جبل إلى قمته..؛ولكن ما إن أعود للقمة حتى تعود بي الصخرة لسفح الجبل وأقوم بدحرجتها لقمته مرة أخرى وتعود بي وهكذا,,

صدقوني أنها تسلية جيدة على مستوى الآله..ستعرف هذا إذا كنت إله..

يبدو أن الفكرة بعد كل هذه السنون أعجبت آلهة الموت فقررت تجربتها في اليابان..في كان لم يسمعوا به بقصتي..فتكون تجربة جديدة لم تخطر على بال أحد من الآلهة من قبل..ولم يعاقب بها بشر قط.
...
..
.
يا ترى هل كانوا على علم ٍ بقصتي..؟
.
..
...


زيزيف..،من سفح جبال البلقان
كتبتها على ظهر الصخرة وهي تدحرجني للسفح الجبل

مع تحيات
أمل دنقل


كُتِبَت في ٢٠ أغسطس/آب ٢٠٠٨ الساعة ٤:٥٠ فجراً

الثلاثاء، 8 أغسطس 2017

مايكل كيتون...الممثل الطائر! وصاحب فضيلة غير متوقعة!


لم تمت فيَّ أغانيَّ فما زلت أغني...

كثيرة هي الأعمال التي تتناول سيرة فنية لممثل او مخرج ما، سواء صراحة او بالايحاء او بالاحالة اليها، كما صنع فاندام في فيلمه العظيم الخالد JCVD عام 2008 وحاكم بنفسه تجربته، او كما صنع العظيم تشارلي تشابلن في فيلمه الخالد "أضواء المسرح" عام 1952 عندما مثل شخصية ممثل مسرحي عتيق، يريد ان يقدم اخر درو في حياته ويخلد بعدها لموده، ويخلد في وجدان الناس، كان تشابلن يتكلم عن مسيرته وحياته من خلال هذه الحكاية وشخصية هذا الممثل التي أداها، وكانه يقول:"انا هنا مثله، وانتهي مثله".

كذلك هنالك من الممثلين من يبحث عن دور او فيلم، لا ليغير من مسيرته المهنية كنجم شباك تذاكر، وممثل جالب للمال للمنتجين، بل يريد ان يدخل في دور مختلف وتجربة مختلفة ليصنع لنفسه شيء مختلف، كما صنع فان ديزل مثلا في فيلمه الرهيب ودوره الرائع مع الراحل سيدني لوميت في فيلم "ستجدني مذنباً" عام 2006، قال عن دوره هذا:"هو ليس تغيير مي مسيرتي بقدر ما اريد ان اجرب شيء مختلف"، كما يصنع احيانا كولين فاريل الممثل الايرلندي عندما يراوح بين افلام لها بعدها الفكري او الجمالي بعيدا عن خطه المعتاد مع افلام الاكشن والحركة، كما صنع في فيلمي "في بروج" و "انقاد السيد بانكس" تشعر انه يريد من خلال مثل هذه الادوار والافلام انه يريد تجربة اداوته الاخرى كممثل لكي يخرج بشيء خالد في تجربته الفنية.

مايكل كيتن صنع مزاوجة بين القصتين المذكوره اعلاه، فهو يمثل دور ممثل شباك تذاكر صاحب سلسلة لبطل قصص مصورة (كوميكس) يدعى الرجل الطائر، لكن هذا الهاجس الذي يحاصره، انه هو ممثل بالدرجة الاولى وقبل كل شيء، يؤرقه وكأنه قدر محتوم، زواج كاثوليكي غير قابل للفصام، يريد ان يخرج ويأخذ دور بطولة في مسرحية من تأليفه يؤديها في مسرح برودواي الشهير، وكان هذا الممثل يريد الفصام عن تاريخه القديم ويقدم دورا خالدا يجمل مسيرته الفنية، وكانه يحاكم نفسه ومرحلته القديمة عندما يخلو مع نفسه المثقلة حول ماضيه.

مايكل كيتن نفسه وكانه يقدم ذاته امام هذه الشخصية انها هو، هو الذي اختفى بعد مرور وقت طويل، الممثل الذي ادى دور بطل كوميكس الذي هو الرجل الواطواط فيما مضى، ثم بعد مدة اختفى عن الانظار ليعود ليحكي حكاية ممثل صاحب سلسلة يريد الفكاك منها، كانه شعر ان النص المكتوب يمثله، ويريد من الجمهور ان يحيل قصة حكاية هذا الممثل الطائر الى حكايته هو، وكانه يقول: "انا الممثل الطائر! مايكل كيتن: الرجل الطائر"

مايكل كيتن يتكلم بلسان حاله عن طريق تأديه دور لمسيرة ممثل تشبهه، فاختلط الشخصي بالعام، فتماهيا لدرجة ان الفصل يحتاج يد جراح خبيرة وعين حذقه، لتعبر امامك شخوص لممثلين كثر، صنعوا لانفسهم مثل هذه الحالة، حالة الكفاح للحظة للخلود في تاريخ السينما مهما كان تاريخي السابق او التالي، ككفاح سيلفيستر ستالون مع روكي، فكتب القصة واخرجها وقام ببطولتها، وكان روكي هذا هو سيلفستر الايطالي الذي يريد ان يكون ممثلا ليسرد قصته عن طريق قصة كفاح ملاكم، ليكون روكي-ستالون هو الباقي بالرغم من كل اعمال سيلفستر التي تلته، وجد اللحظة التي يطلبها للخلود، فهل كيتن بهذا الفيلم وجد لحظته؟

رمزية الطير، والطيران كناية عن الفكاك من ذلك الارتباط بسلسلة بطل خارق يدعى رجل طائر، جعلت من مايكل كيتن-ريجان طومسون ينفك عن كل شيء وكانه في مشهد المسرحية الاخير بالذخيرة الحية، وجد اللحظة التي جعلته مثل روكي-ستالون، فطار ممثلنا الطائر ليلتقطها بوجهه الجديد وان بدى منهكا من عملية فصد شديدة الوطأة.

سميت عملية الفصد هذه:"الفضيلة غير المتوقة للجهل"
في اشارة لفيلم كيوبريك الخالد:"دكتور سترونجلاف او كيف تعلمت ان اتوقف عن القلق وان احب القنبلة" وكان ستالي كيوبريك بهذا الفيلم وجد لحظة خلوده كمخرج خالد!

حرر في 13 ديسمبر 2015
الموافق 2 ربيع الأول 1437
الأحد..الساعة 01:41 مساء
المكان: مقر عملي

الاثنين، 24 يوليو 2017

سقى الله أغنياتنا القديمة ،

أن تكون لك أغنية أولى قديمة ترددها منذ صغرك، تشعر أنها تختصر حكايتك في هذا الكون الشاسع الفسيح، تبدإ من بداية خطواتك الأولى في البيت بعد أن كنت تحبو، لتستمر معك حتى بعد أن تتجاوز منتصف العمر، لتروي بها ومعها سيرتها وسيرتك.

ومع مرور الوقت يزداد تعلقك بها لدرجة يصعب الفكاك بينك وبينها وكأنها أنت وكأنك هي.

في حالتي هي "رزق الله عالعربيات" لهدى حداد أخت نهاد حداد أو كما تعرف بفيروز.

رزق الله عالعربيات..وعايام العربيات
ومن بيت جدي لبيت ستي بيقو يضلوا تلات ساعات

"رزق الله" بالمحكية اللبنانية يقابلها عندنا في المحكية السعودية "سقى الله" وكلاهما تحمل معنى "الله يذكر ذلك الأمر بكل خير"

فيقال: سقى الله ذيك الأيام....ورزق الله ع هيك أيام فاتت"

بلى سقى الله أيام كنت فيها لم أدخل مدرسة بعد، وللذي يتذكر إن كان يتذكر كان هنالك عمل من أداء حيوانات حقيقية بطلته بطه صفراء قام بأداء صوتها وليام عتيق كانت تهرب من ابن عرس فعندما ركبت في عربة تجرها الخيول صدح صوت هدى حداد: رزق الله عالعربيات وعايام العربيات يا مشاوير حلوه كتير يقضوا عمرهن عالطرقات.......

لم تمضي السنون حتى شاهدت الأغنية مع خروج الفضائيات على التلفزيون السوري في برنامج مروان الصواف إذا غنّى القمر، فغنّت هدى مره ثانية: عربية جدي لونين وكانوا يجروها حصانين ولما يروحوا عالصيفية يضلوا بالسفرة يومين
كنا فعلا نستعد للسفر في الصيفية من ذلك العام!

لم أتصور أن ترافقني هدى حداد في حياتي منذ طفولتي لتغدو أغنيتها أثيرة عندي وتحمل الأغنية في كل مرة "مشاوير حلوه كتير" عبر خيالي ووجداني في كل مره استمع لها

حتى كانت مرحلة اقتنائي لأول سيارة وبالتالي أول عطب في إطار السيارة:
"ولما تكون الدرب طلوع وحيل العربية مقطوع
جدي يقول لستي نزلي مشّي قدامي عالكوع
وشد وقشط وغبرة ترش ..... ورزق الله عالعربيات وعايام العربيات"
فغير معنى اللحظة لذكرى متخلفة

عدت يومها للبيت، فوجدت مسلسل الفصول الأربعة السوري يعرض حلقة تحمل عنوان الأغنية يحاول فيها نجيب( بسام كوسا) اصلاح سيارته الأنتيك التي قام باقتنائها، ليقودها في نهاية الحلقة بسرعة يستطيع أبطأ حطور أن يسبقه، فعلا من بيته لبيت حماه "يبقو يضلو تلات ساعات!

لطالما كانت حكاياتي الكثيرة معها مختلفة ومستمرة ولا تنتهي، ولا تزال أغنية هدا حداد هذه عندي عزيزة سقى الله أيامها وذكراتي معها...ورزق الله عالعربيات وعلى هيك أيام حلوة!

https://youtu.be/lfq4JpcpuCg

الاثنين، 17 يوليو 2017

الرحيل من حُلُمِ الحياة!

الرحيل، هو الفصل الأول من الحكاية، وليس الأخير!

الوفاة هو الدخول في نوم عميق لحلم الحياة، هذا الحلم الوهمي الواهن الذي مهما حاولت تأويله لن تجد له مؤلاً مرشداً لك!

الحياة تبدأ بصرخة عند الولادة تعبير عن رفض الاستيقاظ من منام الرحم الآن بعيداً عن كوابيس الحياة، لتدخل بعدها في عمر طويل تدخل معتركه .. هزائمه .. انتصاراته .. أحقاده .. أفراحه .. أحزانه .. كلها تأتيك وتمضي ليسدل الموت عليها ستاره معلنا نهاية المقدمة، ليقدم الرحيل معه الفصل الأول للحكاية!

الموت مهيب، له جلال الملوك إذا حضرت سيرته؛ لأنه هو اليقين الوحيد، هو الاستيقاظ هو البداية لبقية فصول الحكاية!

رحلت اليوم ابنة زميل لنا في العمل، وقع الخبر صباحاً مدوي، وإن كنت تعلمه سلفاً كأنك المنتظر مع أهل المتوفي.

كان يوماً مثقلاً رتيباً كعادة يوم الإثنين عندما ينتصف الأسبوع، وكأن كل شيء يتكرر أمامك، أتى الخبر لعطني السامع صحوةً من حُلُمٍ رتيب، لعله يتذكر أن يعيد ترتيب الأشياء قبل الوفاة!

أ.ه

الاثنين، 6 مارس 2017

رحلة

أربعون دقيقة هي الرحلة!
كانت ..
ما زالت، ربما ..
المهم هي أربعون!
الإحساس بالوقت مجرد رقم!
ربما ..
هو شيء عابر وزائل في آنٍ واحدةٍ،
مثل العمر، يستحيل إلى ذكرى، ما تفتأ أن تكون كانت ذكرى، كما كانت الرحلة!
والموسف في ذاته ليس أن الرقم لا يستقر أو يرفع عنه القلم، لا، بل أن آلة التصوير معطوبة، فلا تسجيل لها.
ربما ..
من حسن حظك، أن توثق لحظة الإقلاع-الولادة قبل أن يقطع الإتصال-حبلك السرّي، ولكن يقينا لن توثق لحظة الهبوط!

الأربعاء، 22 فبراير 2017

ما بين الرجل الواطواط ومهرجه!

ما يميز الجوكر ليس كون تاريخه غير معروف، ولا نوع عدائيته، ولا معاركه الذهنية مع باتمان ان صح الوصف؛ فحتى جوناجاي المؤلف الياباني الشهير صنع شخصيات مريضة كالجوكر لكنه لم يصنع جوكرا كما قال هو غير مرة!

ما يميز الجوكر أنه في أقسى اللحظات التي تعبر عن نهايته تجده يضحك ساخرا، وفي اقصى نشوته تجده منقبضا كأنه لم يصنع شيئا!

وهذا الذي حاول تيم بورتن أن يوجده مع فيلم باتمان عندما سقط نكلسون من فوق البناء ضاحكا، لكن رغبة ورنبروس حالت دون أن تصنع نهاية رمزية، فأنتهى سقوطا تقليديا!

ثم أن ما يميز العلاقة المضربة بينهما ليس في محاولات الجوكر العابثة في كسر مبدأ باتمان، ولا محاولات باتمان في ألجام هذا الجامح المختل، إنما في كونها علاقة معقدة مركبة!
كيف لا وهو لا يمثل جانب الخير، بل هو فارس الظلام الذي يحاول أن يوجد عدالة يمسحها ضوء النهار الأول، أما الجوكر فهو لا يمثل الشر بقدر ماهو يمثل حالة السعادة التي تجعل من باتمان لربما منتشيا من حالة الفوضى، فهو في قتاله له، يحاول أن يقتل هذه الرغبة فيه قبل أي شيء آخر، أما بالنسبة للجوكر فهو شخص لا مخاوف له، فم يعيش؟
من يخاف يحارب، ومن لا يخاف ينتحر، هنا فقط تبرز فكرة قشرية العلاقة بينهما، وإن كانت معقدة مركبة!

وإذا: ما طيب العيش بعد كل هذا؟
لهذا باتمان يبحث عن خلاص أبدي وإن كان قشريا، أما بالنسبة له -أعني الجوكر- فهو لا هدف من وجوده إلا أن يكون كصخرة سيزيف بالنسبة لباتمان، ويظل الصراع سرمدي بينهما.