الأربعاء، 8 نوفمبر 2017

كأس العالم عادت إلّي من جديد (2014) !


~ إهداء إلى أحمد مرعي ( )



لم أكن يوماً لأطلقها، لربما جافيتها، لكن لكل فعل متبريره لدي؛ تلك الخسارة النكراء أمام ألمانيا الإتحادية عام 2002 أنستني نفسي، وأنا الذي كنت مثل كابتن ماجد (كابتن تسوبوسا) منذ نعومة أظفاري ألعب الكرة، واشتري أشرطتها على البلايستيشن، وبكيت دماً عندما أخرجتنا السويد في كأس العالم 1994م.

لازلت أتذكر تلك اللحظة التي دخل فيها الهدف الرابع على محمد الدعيع في تلك المباراة المشؤومة، وأنا الذي كنت قبلها أصلع أنتل التلفاز بحكم أن المبارة منقولة على التلفزيون السعودي، حتى أكافئ بهذه الثمانية! أعتبرت الأمر مسألة شخصية وهزيمة شخصية!
المضحك المبكي أن هذا المنتخب هو الشيء الوحيد الباقي الذي يجمعنا كسعوديين، وإذاً ما الذي جرى بالله عليكم؟


خرجت من المجلس، بعدما رميت الريموتكنترول كمسدس صدء للتو أنتهى راعي البقر من النزال به مهزوماً، فرماه، وخرجت لبيت الشعر في باحة البيت، لأتخلص من كل أشرطة (الدوري الياباني) ثم أخذت كرة أخي و "سطحتها عند بيت الجيران"، صعدت لعرفتي، وأخذت وشاح عليه علم نادي الهلال ووضعته داخل قميص لنادي ريال مدريد مع علم منتخب إيطاليا الصغير، ورميتهم في علّية البيت، كنت أعتقد أن ما فعلته هو طلاقاً بائناً!

نعم، كان معي كل الحق؛ بعد كل هذا الوقت الطويل، أنال هذا الجزاء، من المتابعة الطويلة لهذه اللعبة العزيزة، هه! ولم يكتفي بهذا أيضاً، فتلك السنة التعيسة حرمتني من أرى الأيام الأخيرة للبازوكا باتيستوتا والذي شاركني ذات لحظة البكاء، هو على الأرجنتين وأنا على العربية السعودية!
مع أداء مخزي لإيطاليا، ولوثة أصابة تلك المنتخبات فما الذي تبقى؟ الشيء الوحيد السعيد الذي كان هو أخراج السينغال لفرنسا!

نفظت يدي من ظل شيء، ومع كل صفقة من يدي، تحوم ذكريات كثيرة توجع القلب، هدف باتيستوتا الأول على ناديه فيرونتينا بعد إنتقاله لروما، وصمود روي كوستا الطويل مع النادي الذي حمل تمثال رفيق دربه حينها، أسطورة عمر المهنّا كحكم في الدوري السعودي، إنتقال محمد الدعيع المدوي من نادي الطائي، نادي برشلونة ونسخة مصغرة من منتخب هولندا، ريال مدريد وتحوله لما يشبه منتخب نجوم العالم، وغيرها وغيرها

تخرجت من الثانوية .. دخلت الجامعة .. أول ترم صيفي فكان كأس العالم 2006، لم أكترث كثيراً، لكن بحكم الزخم حاولت الحفاظ على معلومات محدثة عن النتائج من باب العلم بالشيء ولفتح محاور مع زملاء المهنة، مهنة طلب العلم الجامعي! حتى كانت نطحة زيدان ونهاية مسيرته بها وبكارت أحمر قاني!
- زيدااااان نطح مترازي .. زيداااان نطح نترازييييييي
- ما شفت نطحة زيدان ؟
حتى الدكتور يقول: شفتوا زيدان هبب أيه أمبارح؟
هنا، غضبتُ غضبةً مُضَريةٌ، وقلت:" وهو أول مرة يسويها، تراه دعس رجل فؤاد أنور عام 98!"
... ... ...
...
"شفيكم؟!"
- أنت تتابع كورة!
"ليه مالي رب!"
هنا فقط استوعبت مدى القطيعة التي صنعتها خلال تلك الحقبة من عمري، مدة خمس سنين تقريباً، لكني استسلمت لحقيقة أني كائن كُروّي سابق!
2010 لم تحرك ساكناً بالرغم من كوني شبه عاطل حينها، مهنياً أعني، وبالرغم من تنقلاتي الكثيرة في الأعمال وكأني لاعب مُعار للدوري الأمريكي! لكن ما إن شارفت السنة على الإنتهاء حتى بدأت أتذكر أن هذه الكرة داعبت قلبي مع ظهور خوسيه مورينهو للسطع مع نادي تشيلسي عام 2007 والسجالات غير المنتهية مغ غريمه الهولندي برشلونة (كناية عن المدرب ريكارد)!
فقلت لنفسي: هل أعود من جديد؟
فحدثت مفآجأة جميلة، وكأن هذه الكأس تخطب ودي من جديد: كأس العالم سيكون عندنا .. جنبنا .. حذفة حصى .. بقطر، وليست قطر وحدها، ولكن روسيا الأم أيضاً!

وبالرغم من كل محاولات الود، كنت أنا المتمنّع، لا أدري لعله كبرياء الخاسر العنيد، ومما زاد عليه هو نتهائج المنتخب السعودي للدورتين التاليتين، فما أنتظر؟ هل أفرح لعدم التأهل أكثر من التأهل؟
إلا أن رجلاً كثير الحمد لربه، طلب مني أن أحمد الباري سبحانه لإنفصال روحي عن هذه الرياضة حتى استطيع أن أحاكمها بحياد، وبجوار صديقي القديم الذي يزيد ولا ينقص، والرفقاء الآخرين الذين يشاركونني هذا التغني بالتاريخ الإيطالي التليد، الجزيرة التي تشبهنا في أوروبا، وملكية حزينة أيبيريا، وجدت نفسي لا شعورياً أستقبل هذه الكأس لهذا العام بأغنية الإيطالي فيتالس التي تقول:
"بهجة النور تأتي من النافذة، ولكن قلبي في الظلام ..
هذه الشفاه التي تغني الربيع، هذه العيون التي تبحث عن النور ..
من أحببتُ تخلّى عنّي .. "
وكأنه كان مثلي؛ هو يفكر في وطنه إيطاليا، وانا أفكر بمنتخب بلادي الذي يرفض التأهل، ذو الماضي الذي كان مجيداً!

آآآآه أظن أن أصابعي متعبة الآن، لا أستطيع الأستمرار بالكتابة، لم أكتب بمشاعر مختلطة منذ مدة!


حرر في 17 رمضان 1435هـ حسب الرؤية
18 رمضان 1425هـ حسب تقويم أم القرى
الموافق 15 يوليو 2014م
الساعة 08:49 مساء يوم الثلاثاء
من صومعتي غرفتي وأنا احتسي فنجان شاي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق