السبت، 22 يوليو 2023

أوبنهايمر: فيلم سيرة ذاتية على غرار أماديوس

 افلام السيرة الذاتية عادة ما تتناول بقوالب محددة مع لمسات تفرق بين مبدع وآخر، ولكن لعل اشهرها:


ان يكون في لدى البطل عقدة ونقطة تحول في رحلته (لورنس العرب -1962 & the life and death of peter sellers - 2004 نموذجا)


أن يكون في لدى البطل حالة انسانية او ابداعية يستحق الوقوف عندها(Ed Wood - 1994 & Chaplin - 1992 نموذجا)


رحلة البطل بين عالمين مختلفين، بين الصعود للهبوط وما شابه (الثور الهائج - 1980 & اخر ملوك اسكتلندا - 2006 نموذجا)


واخيرا الصراع بين انداد او اشخاص مشتركين في المجال او في رحلة البطل (اماديوس 1984 نموذجا)


وهذا الاخير هو النموذج الذي صاغه لنا كريستفر نولان!



انا هنا لا يهمني الحديث عن الفيلم بتفاصيه، ولا عن ابداع الخطوط الزمنية التي اجاد نولان توضيفها، انما عن صراع الانداد!


اتذكر حديث في وثائقي لميلوش فورمان عن فيلم اماديوس، انه لم يرضى باخراج الفيلم الا عندما قرا نص بيتير شيفر، فوجده عباره عن صراع بين اثنين من اهم اعلام الموسيقى، احدهما خلد في التاريخ والاخر اُهمل، فما كان من ميلوش الا ان اشترط ان يكون الممثل الذي سيجسد شخصية الموسيقار الثاني ببراعة الذي سيجد شخصية الاول!

فاخرج لنا فيلما للتاريخ!



تدخل انت للفيلم وانت عارف سلفا، ان روبرت اوبنهايمر عراب القنبلة، لتلج لاول مشهد في الفيلم عندما يسال لويي ستراوس لِمَ لم تدخل البريت اينشتاين معك في المشروع؟

ليكون الجواب: لن اختار شخصا رفض اهم نظرية فيزيائية!


انت الان شاهد على احد هذه الاشكال التي بُنِيَ عليها الفيلم، لتنتقل بعدها الى عدة لحظات تشاهد فيها اصرار اوبنهايمر على احضار نيلس بور للمشروع، ليتفاجأ روبرت ان بور يحمل ذات القلق الذي يحمله غريمه اينشتاين تجاه المشروع، رغم اختلافهما العميق في مجالهما.


لكن بسبب اهمية المشروع ذي الطبيعة السياسية، كانت هنالك اللحظة الفارقة التي سخر فيها روبرت اوبنهايمر من لويس ستراوتس في احد الجلسات، بوعي منه او بدون وعي، لا فرق، المهم النتيجة: تفجر بينهما الصراع!


الا يذكرك هذا المشهد بشيء؟

مشهد دخول موتزارت على امبراطور النمسا لعيد عزف نوتة انتونيو سالييري ويسخر منها، بوعي منه او بدون، لا فرق، المهم النتيجة: تفجر بينهما الصراع!


فصار جُل هاجس ستراوس ان يمحي اوبنهايمر، مثلما صار جُل هاجس سالييري ان يمحي موتزارت!


ولم يكن مآل المصير بينهما كمآل المصير بين اينشتاين وبور!


الفرق بين الاثنين شيء واحد: سير الرجال! انما قالب السرد واحد!

هناك موسيقيين اقتربا من اهم رجل في حياتهما وهو امبراطور النمسا، وهنا فيزيائي وسياسي اقتربا من اهم رجل في حياتهما وهو الرئيس الأمريكي!



اوبنهايمر هو موتزارت نولان، الذي عزف هذه السمفونية المرعبة التي احرقت كل شيء حتى الرجل نفسه، مثلما احرقت نوتات موتزارت روحه وحياته.


وكان سالييري نولان، هو ستراوتس الذي عاش لغاية واحدة رغم موهبته: اقصاء غريمه، وهي غاية لم ينلها، تماما مثل ساليري وعاشا مهملين!


كما في حالة اماديوس، الذي حضي بمخرج وبطلين مميزين حملا على عاتقهما الفيلم برمته، كان فيلم نولان هذا.

واحب ان اشير الى اداء روبرت داوني جونير، الذي استطاع ان يعيد لي ذكرياتي مع اداءاته العظيمه، ولكن روبرت الان لا يستطيع ان يعود، واتصور انه بهذا الدور اكد الى اي مدى روح Iron Man توغلت في اداءه فدمرتها، وكأن Iron Man بالنسبة لروبرت داوني جونير هو ساليري مسيرته!


اما كيليان ميرفي: فهذا فيلمه!



وقبل الختام، احب ان اشير الى عظمة استخدام الموسيقى التصويرية في الفيلم، التي كانت تحضرك لادق التفاصيل في مراحل الفيلم، وتجعلك تستشعر كل لحظة بادق تفاصيلها كما لو كنت من ضمن ااطاقم التمثيلي.



ختاما:

انا لا يعنيني ان يكون هذا فيلما للتاريخ من عدمه، ولا يعنيني ايضا، ان يكون هذا افضل افلام نولان او اقلها، ولا يعنيني ان كان قدم جديدا من عدمه!


انما يعنيني التزام مبدع تجاه سينماه وتجاه الفن السابع، وهذا هو الشيء الذي يسحتق الاحترام!



الخميس، 20 يوليو 2023

ما بين Asteroid City وعوالم Wes Anderson الأخرى

الاهداء:

الى الثلاثة خرجت معهم في ليلة السنة الجديدة، كان المقرر أن نشاهد هذا الفيلم سوية، لكنه انتهى للمشاهدة وحيدا، لكن احدهم رمى بهدية من حيث لا يشعر ساعدتني في أن ابلور فكرة المراجعة.

فشكرا لهم قدر ما ضحكنا في تلك الليلة

كان الثلاثاء ٣٠ ذي الحجة ١٤٤٤ ليلة الاول من المحرم ١٤٤٥ 


.............


كيف تكتب فيلما عن المسرح؟

بأن تكتب فيلما تسجيليا بطابع إذاعي عن المسرح!


يفتتح الفيلم بمشهد لمذيع يتحدث فيه عن مخرج يريد اخراج مسرحية عن مدينة تدعى "الكويكب" في الولايات المتحدة، ويقوم المخرج بمحاولة تقديم هذه الافكار عنوة، كوادر ثابته، ممتدة، كأنها لعبة ليجو، فيها عائلة خسرت أماً، وطلابا يزورون هذه المدينة المحمية من قبل الجيش، وفرقة ريفية، وفندقا غريبا يبيع كل شيء عبر مكائن البيع حتى العقارات كما لو كانت حلوى أو مشروبات.


تمر المشاهد، ليعاود الظهور مرة أخرى هذا المذيع ليروي كيف سُجل هذا الفيلم، يستمر معك، حتى يأتي المشهد الذي يكون فيه الممثل الذي يؤدي دور الأب، ليقوم بتحربه اداء امام المخرج، ليقيمه، ليحل بعدها صمت.


وكأن هنالك عدم يقين خفي من الممثل تجاه المخرج في الاستمرار بالتجربة، وطبعا الحل الوحيد للمخرج أمام هذه الفوضى اليقينية هو الاستمرار في التجربة!

لم؟

اوليس المسرح هو المكان الوحيد الذي يتحول فيه الكرسي الى قلعة، والضوء الاحمر الى دم، والشعاع الأزرق الى شلال ماء؟

فهذا الاحتراق للممثلين وتكثيف اللحظة، قد ينتج معاني متفرقة، والأهم: التجربة في حد ذاتها!

أن نكون فوق الخشبة مجتمعين!


يستمر سرد الاحداث بغض النظر عن أي شيء اخر، حتى يتم التنبه لامرين:


الأول: أن الشاشة التي ترسل الاشارات في المختبر، ما هو الا ترميز لتاريخ معين، لكن لا ندري ما هيته!


ليستمر هذا الشاب الذكي الذي اكتشف هذا الشيء في الجلوس مع اؤلائك الطلاب في الجلوس، ويكون والده الذي فقد زوجته مستمر قي التقاط الصور!


لنأتي عند الأمر الثاني: وهو نزول كائن فضائي من مركبة فضائية ويأخذ الكويكب معه، وقبيل رحيله يترك للمصور فرصة في التقاط صورة له، استعد هو الاخر بوضعية مميزة حتى يحبسه فيها، ثم سعد بالكويكب ورحل!


هنا كانت الفكرة الخام التي لم تتوج! اذ انها -الفكرة ممثلة بالفضائي - لم تجد الرابط الذي يربطها بجوهر العمل: الكويكب!


وبالتالي هذا دفع المذيع الذي يروي احداث كيف صنع هذا العمل، بان يظهر فجأة وسط الممثيل! وكأنه خرج عن احداث فيلمه التسجيلي!

وكأن الفكرة هنا لم تختمر، اذ أنه يعود بك لكواليس التي جمعت المخرج بالممثلين ليروي كيفية توزيع الادوار، غير أن كاتبا هناك (اندريان برودي) لم يكن يعاني من ذات القلق اليقيني الذي وجد عند الممثلين.


لكن الكائن الفضائي يعود، ويعيد الكويكب، بأن يرميه من علٍ، هكذا!

ليعاد فرض حضر التجول في المدينة من جديد، ثم يعاد ذات المشهد الذي يجمع المخرج بممثليه، حتى يمر احدهم - وهو والد الابن الذي اكتشف تاريخ قدوم الفضائي - غاضبا ويمر خلف الكوادر، للكالوس الخلفي وفي مسيره يمر علة الممثلين، وكان الوحيد الذي تكلم هو ممثل قيل له: انه سيؤدي دور رجل الفضاء! ولا يعلم المغزى!

حتى وصل الى كاتب العمل: فسأله سؤالاً مباشراً:

ما معنى كل هذا؟ ما الغاية من كل هذا؟

فما كان الرد الا ان قال له: هل يجب أن يكون له معنى؟ هو الاستمرار في الجناية: جناية التجربة! تثريك وتصقلك، يجب ان تؤدي وان تقف على الخشبة وخلف الكاميرا، كما الكاتب ان يكتب، فقط يكتب، حتى يجد ضالته!

وخرج من عنده للشرفة الخارجية ليستنشق الهواء، ويحرق لفائف التبغ، ليتصادف مع الممثلة التي كان من المفترض أن تكون صوت زوجته، وكأنه مشهد للتعبير عن دخول الممثل في لحظة التقمص!


عاد الممثل من تلك اللحظة، لحظة التقمص ليتمرغ في نصه ليعودون في صورة صارخة واضحة كأنها مسرحية لدي لارتي.


ليعود في الاخير تجمع كل الممثلين والفنين في ترديد كلمة واحدة مع مبدعي العمل: لا يمكنكم الاستيقاظ إن لم تغطوا في النوم!

ليمر الكائن الفضائي بينهم حتى نهاية الممر وهم يرددوا هذه الفكرة، ويخف الضوء حتى لا تبقى الا عينيه الكبيرتين.

ثم يقف المذيع التوثيقي في زاوية الكادر وهو ينظر: هل وعيت اللحظة؟


ليعود الفيلم بعدها في مشهد مدينة الليجو للاب المصور وهو لا يجد ايا من رفقاءه الا من صاحب النزل العجيب، ليركب سيارته ويخرج هو الاخر من كادر المدينة عبر الطريق الطويلة الممتدة!

في اشارة واضحة لفكرة محددة: الاستمرار في التجربة!


فعلى العكس من The French Dispatch، اذ ان ذلك الفيلم كان يتحدث عن سر الحكاية، وهي تُخلد في كاتب يرويها، وأن البحث في سرها هو الذي يجعلها كلما رويت ازدادت خلودا.


وكما كان The Darjeeling Limited هو حديث عن رحلة الهروب، محاولة الهروب من واقع يظن صاحبه أنه مأزوم منه.


وكما أن The Grand Budapest Hotel يتحدث عن المجاز في الصورة.


فان مدينة الكويكب يتحدث عن تفاصيل العمل المسرحي، ولكن كما لو كنت تجري اللقاء مع الخشبة نفسها! وذلك يتضح بمثال: الاهتمام بالفضائي فهو من ناحية فكرة العمل الضائعة، ومن ناحية اخرى هو الكمبارس المهمل الذي قد يُنجح العمل او يُبليه، عن المخرج الذي يبحث عن صورة مُثلى للعرض، عن كاتب لا يرى جدوى حقيقة فيما يقدمه، وعن ممثلين يحاولون الدخول في الحالة ولو لم يقتنعوا بالعمل، عن الديكور الذي يعكس روح الحكاية، وغيرها وغيرها من التفاصيل المنثورة هنا وهناك!


اذا ما الذي شاهدناه؟

شاهدنا فيلما تسجيليا عن مسرحية ما!

وعن ماذا تتحدث؟

لعله كما قال احد الاصدقاء: " ... بما ان الفيلم عبثي فالفليم ليس له معنى واضح "


أوليس هنالك مسرحا تجريبيا؟




حررت في العشرون من يوليو/تموز ٢٠٢٣م الموافق الثاني من المحرم لعام ١٤٤٥ للهجرة

الخميس، 13 يوليو 2023

زجل

 هل تكون القصائد بلا لون ولا طعم بلا صوت؟


خرج مرتديا عقاله، بعد أن وقف أمام المرآة يزينه فوق رأسه، ثم ثنى احدى طرفيه شماغه فوقه وخرج.

ركب سيارته متجها إلى عمله، يوم خميس هادئ وسعيد، لكن عكره شده الحر، والقهوة التي شربها لتبقيه يقضا.

ما ان اوقف سيارته في المكان المخصص له، خرج من مبنى المواقف الى مبنى العمل، ووقع الحضور في تمام التاسعة، التي بدت حراتها كأنها الظهر، الا أن حرارة اللحظة التي تودلت كانت مختلفة!

اشم عطرا يألفه، كان يفوح خلفها كأنه بخور العروس، وكأنما هذه الرائحة حملت مفتاحا لقلبه، اغمض عينيه للحظة ثم فتحها بعد أن أحذ شهيقا مطولا، ايرى رموشها الكحلى ذات العيون العسلية، خصرا ممشوقا، بوجه طفولي وشعر قصير، ليس لأنه قد قص، ولكنه هبة الباري.

تبسم، ورفع يده اليسرى لعقاله، وأماله قليلا وهو يحاول أن يخفي ابتسامته، ابتسامه العاشق الخفي، وهل هنالك عاشق عاقل؟
وكأن للحظة فارت عروق أمه اللبنانية لتعيد عزف زجلاً في رأسه، وكأن كل الذي كان يطلبه في يومه هذا، لحظة يخلدها.


"قلبي رف حواليكي بموسم أعياد

إن شاء الله بالحب عليكي بالعيد ينعاد

طيري مطرح ما تطيري خلفك راح ضل

واعرف من اي ديرة ومن اي بلاد

إن شاء الله بالحب عليكي بالعيد ينعاد"


الأحد، 9 يوليو 2023

حتى تنطفئ السيجارة - قصة قصيرة -

 سحب كرسيه وجلس خلف الطاولة،

فتح الدرج، واخرج الاوراق بمقاس A4 الخاص بالطباعة،

وجلب قلم uni-ball الازرق ونزع الغطاء،

وقرب منه منفظة السجائر،

اشعل سيجارة، ثم ركنها فب المنفظة،

واخذ الفلم، وأنشأ ليقول:

" سأحكي لكم قصة، ليست صحيحة ولا حتى شخوصها موجودين، لكني ضجر قليلا، وكان صديقه يشاكسه، فقرر أن يكتب عنهما، ليصنعها على عينيه في هذه الوريقات وكأنهما من لحم ودم حقيقيين.....


أبو فهد، كان شابا تحاوز الثلاثين، يهرب هروبا مجازيا من فكرة الزواج، خصوصا اذا طرحتها أمه، الحقيقة، هو فقط يشعر أنه مختلف ولن يجد تلك الانسانه التي تفهمه، كأنه وشق في برية لم يجد من يحتويه، ....



- هالحين ابو فهد ذا وش اسمه؟

- ‏يا اخوي لا تشغلنا، ما تبي تسمع القصة؟

- ‏الا!

- ‏خلاص! جب!

- ‏طيب!



.....، ابو فهد، كان يعامل مقر العمل انه مكان يرسل اليه راتبا مقدورا نهاية كل شهر، لا يهم اي شيء اخر، المهم ان يستمر حرا طليقا في هذه الحياة، حتى كان ذلك اليوم، الذي تذكر الوشق أنه سنورا في نهاية المطاف، اليوم الذي قرر فيه كل زملاء العمل بما فيهم أبو فهد، ان يتغدوا من مطعم البيك، حيث الكثير والكثير من الثوم والفلفل الحار، وكان الدور عليه، بسبب لعبة بلوت قديمة خارج سياق العمل في حفل تكريم للشركة كانوا حاضرين فيه، المهم أن الطلب قد وصل، بعد أن بلغ منهم الجوع مبلغا عظيما، ....



- لحظة! لحظة! وراك عجل؟

- ‏ياخي خل نخلص، انت غاصبني على النص، خلننا ننجر!

- ‏ما غصبتك!

- ‏معنويا!

- ‏المهم!

- ‏اسلم!



....، خرج وهو يستمع لاغنية فيروز: "تع ولا تجي"، وكأنها ترسل له رسائل خفيه، وقد كان،  عاد بوجه باسم، غير الوجع الجائع الذي خرج فيه، وبدأ يشغل نفسه بقصص جانبية لا معنى لها، وكان أول شخص أنهى وجبة غدائه وذهب ليجلس وحده يقلب هاتفه المحمول، منهمك في كتابة شيء ما، حتى قاطعه احد بسؤاله عن عدم مشاركته لهم بالحديث، فقال:

"ليتكم ما طلبتم البيك، وليتي ما نزلت، وليتي ما شفتها، فعلا تع ولا تجي واكذب غليا..."

وظل مسترسلا وهو يروي تلك اللحظة الحالمة، اللحظة السر! حتى جاء مضحي، اقرب زملاء المهنة له:" وش بلاك سمالله عليك!! وبضحكات ساخرة"

 رد عليه بقوله:

 ‏"خلني يا مضحي، تكفى، لولا الحياء، كان خميته،

صغير وجميل وتذبح عيونه

والنهد توه مبين عزي لحالي"

قال مضحي: اخطبهالك!

ابو فهد: جاد انت!

مضحي: عيب والا حرام؟

ابو فهد: لا، بس ...

مضحي: انت راغب؟

ابو فهد: والله راغب يا خلي! قلبي كنه رشا وهو يقفز فرحاً، هكذا وشاف الريم، فنسي المكان، ونسجت شعوري وسط الحكاية!



- شعورك انت والا شعور ابو فهد؟ ويغمر!

- ‏تدري! انا الغلطان الي اطاوعك واكتب لك قصة بناء على طلبك!

- لكن تقل فيه مشاعر موازية!

- ‏لكن الاديب الي في داخلي الان استغنى عن هالسالفة كلها، لأنك صدت ظباء مكة! 

- ‏يعني منت مكمل؟

- ‏لا، خل نروح مطعم حَمَام عبده بس!

- نكمل هناك؟

- ‏لا، لأن احيانا جزء من سحر القصة فيما لا يروى...




هنا، انتهت سيجارته، واطفئها في المنفظة، فاغلق القلم وتركه فوق الورقة، وذهب لينام.




تمت


الاثنين، 3 يوليو 2023

عندما قرر المشاهدة - كلاكيت مرة ثانية -

 أتذكر أول مرة في حديث مباشر عن الفيلم، كنا نحضر حفل زواج أحد الأصدقاء السينمائيين، واستطرت بالحديث المطول عن الفيلم تغنيا، وتسفيلا بفيلم آخر، وهو Marriage Story!


لعلها كانت لفته اولى غير مستغربة، بنسبة لهم لهيامي بالفيلم، لكن لعله اول حضور صارخ له - اي الفيلم - في الاحاديث التي بيننا.


ثم تكرر الحديث مجددا عنه - اي الفيلم - عندما جلسنا في مقهى روسي داخل العاصمة لنتحدث عن فيلم Drive My Car للمخرج Ryusuke Hamaguch، كنت اختتمت حديثي بقولي: لكني ما بعد شفت After Hours!


قال لي: مب After Hours، After Hours حق خويك! سكورسيزي! قصدك Happy Hour!


قلت: ايه انا لخبطت! لكن على طاريه: شفت الايرلندي؟

قال: ناويه!



ثم انطلقنا في ايامنا ليمر الثور الهائج بينها، وكحالة من خيبات الأمل لها علاقة بالقراءة، هو يشترك مع مخرجنا العجوز بعينيه الثاقبة التي تحبس اللحظات بكل تفاصيلها، ليحقق اعظم صورة تعبيرية!


ولعل الفارق بيننا هذه الالتقاطات، لعلي أميل لحفظ لحظاتي رسما بالكلمات منها بحبسها في صورة!


ولهذا كنت مررت له نصيحة بمشاهدة فيلم Big Night 1996 عن صراع اخوين ايطاليين يديران مطعما، احدهما يريد ان يواكب رغبات رواد المطعم في تقديم اطباق مختلفة وتواكب جديد الأيام، على ان الاخر يصر ان يقدم اطباقا ايطالية اصيلة تعيد الحنين للوطن الام!

هو هام في هذا في الفيلم، حتى ظننت لوله انه حبس نفسه فيه!

قلت له ذات مرة: ان هذا الفيلم من لم يشاهده محروم ومن شاهده مأسور!

ولعل هذه العبارة تلخص علاقتي مع بعض الأعمال.

ولعله التقط هذه العبارة في عقله الباطن، اذ انه هو ايضا بعدها نصحني بفيلم ايطالي فرنسي اسمه Caro Diario موسيقاه علقت في ذهني كأنها تعزف خلفي وأنا اسير، حتى كدت احبس فيه انا الاخر!


في ظل كل هذا الحبس، ظللت حبيس رغبتي في ان يشاهد الفيلم: الايرلندي!


وفي ليلة لم يكن البدر فيها مكتملا، ارسل صورة لشاشة غرفته كتب على الصورة الظاهره منها: The Irishman 2019!


وخلال تمريره لهذه الصورة، كأنه علم يقينا اني سأسله عن الفيلم، فمرر توصية لفيلم ايطالي كنوع من الرشوه الضمنية للضمير السينمائي! اسم الفيلم: cristo si e fernato eboli  1979


وقد قبلتها بطبيعة الحال، فهعرت سريعا أبحث عن روابط مشاهدة للفيلم، وعندما تيقت ان الفيلم استقر في جهازي المحمول، عدت للمجموعتنا الوتسابية لأسأل:

- كملته؟

- لا انتصفت فيه! يشبه goodfellas!

- جدا! عندك مشهد شاحنة النقل الخفيفة ذا كنك في goodfellas! انا متأكد بنسولف كثير عنه لا خلصت!


بعد فترة من انتهائه، وبالرغم من انشغاله بالتحضير لدراسته، الا أنه قرر أن يخصص وقتا ما، للفيلم على الأقل، وهذا ما يهمني: أن نوسع دائرة المشاهدة! فالأعمال الفنية العظيمة مثل الأماكن المميزة التي نريد زيارتها والأمنيات التي نود تحقيقها، والروايات والكتب التي نود قرائتها واقتنائها.


 فكيف اذا اجتمعت أن يكون عملا ما حظي بمشاهدة من صديق، سيكون مثل مشاركة الذكريات بسفرة او قصة او طلعة نتذكرها طويلا


وحتى ذلك الحين، ستكون الجوقة تردد خلفنا:

So before the light

Hold me again

With all of your might

In the still of the night




تمت