الأحد، 27 سبتمبر 2015

اضطراب ثنائي القطب

أن من أكبر الفجائع لدى أي فنان أو مبدع، أن يكون إنتاجه الفكري والفني والأدبي لا يمثله أبداً، لم؟ لأنه وبكل بساطة لم يأصل لفكرة موت الكاتب وحسب، بل للكذب أيضاً!

أن تكون ماركسياً يسارياً شيوعياً ولا تفكر بالشعوب والفقراء وعند أول إمتحان تكفر بكل ذلك وتعتبرهم رعاع ودهماء يستحقون ما آلت إليه أمورهم، فإن كل رصيدك السابق، هو ليس لك، هو لشخص أخر لا يشبهك إلا بقدر ما يفارقك، كما الحال مع زياد الرحباني مثلاً
كل ذلك الكذب والنفاق والغنائيات والمسرحيات حول جيفارا ذهب أدراج الرياح لمجرد موقف خنت فيه ضميرك وما تؤمن به، وضمير من حولك وكل من آمن بك، ولتجعلني أؤمن أني كنت أعيش وهماً إنقشع ضبابه أخيراً.

الحال ليس أقل فجاعة مع الفنان الكبير والقدير العظيم الخالد فنان الأطفال والكبار معلم الفيزياء والكيمياء دريد لحام، حلم القومية والعروبة، المساواة والمواطنة، وأخوة العرق والدم واللسان، كل تلك السنين كان عبثاً في عبث يا دريد؟ أيعقل أن كل ما فعلته كان وهماً، نعم هو دريد آخر لا يشبهك إلا ليفارقك، هو الذي يحلم بعودة ضيعة تشرين، الكرم المغتصب، والذي جسد المواطن المقهور أبو الهنا، وهو الذي علمنا حب الوطن وأغاني الموروث في ضيعة كفرون، لا ليس أنت بالوضاعة التي تبجحت بها وأنت تتحدث عن بنيك وأهلك وذويك، لا ليس أنت بطبيعة الحال، وأني لأحمد الله سبحانه أنه توفى محمد الماغوط ونهاد قلعي قبل أن يخرج أبناء درعا في موقف أشرف مما تبجحت به!

لكما ولغيركما ولكل من كان على شاكلتكما، أقول له:
"أنت كاذب! كاذب! كاااااذب! كل تصرفاتك تدل على أنك خائن! وما تقوم به لا يمثلك وليس ملكك أيضاً! أنت كاذب! كاذب!"

الأن يستكبر علينا أحدهم أن نحترم شخصاً مثل عمرو بن هشام المخزومي، بلى هو أبو جهل فرعون هذه الأمة، لكنه كان كراحة أيدي أياً منكما، واضحٌ في عدائه كما صداقته، لم يكذب ولم يخاتل في عدائه ولم يساوم على رأيه الذي كان عليه، ولم يتلون فيه ومات عليه، لم يقل كلاماً وصنع غيره، ولم ينشد خطباً ويسير عكسها، بل كان مؤمناً بما يعتقده إيماناً مطلقاً حتى النخاع، ربما هذا ما جعل خير البرية أن يجعله أحد العمرين، لكن الله اصطفى الفاروق للذي فرق به بين الحق والباطل، وخاب كل جبارٍ عنيد كأبي الحكم، وسيخيب فألكما وفأل من لف لفكما، ولنفرقن نحن الأمة بين حق نتاجكم وما تبدعوه، وبين باطل قولكما وقول من لف لفيفكم!

أ.ه

الأحد، 1 مارس 2015

شرب الشاي وأنت تعاني رشحاً//كلاكيت مرة رابعة//

كتعويذة شركية، تصنع لك كوباً منه، وتبدأ بوضع يديك حول هذه الكأس المقدسة لديك، وترتشف منها رشفات وأنت منتشياً!

لا الصداع يذهب....ولا آلام الحلق تهدأ، لكن مع هذا تستمر بهذه الممارسة، لأنها تذكرك بكل حالات الإختلاسات التي تعيشها في هذه الحياة - لذه العيش أختلاس - فطعم الشاي هذه المرة مختلف، يذكرك بالمرة الأولى التي شربته فيها!

الأحد، 22 فبراير 2015

نهاية السمر ... مواساةٌ حول جمرِ الحطب!



يا صاحبي،
لا تبتأس!
وأنتظر...سهرة الأصدقاء ستنتهي،
ومن سيسدون نصحاً لنا، بالرؤى الغائبة،
سيذهبون...يضمرون...يختفون...كما تُخلط الأشربة، كصاحب حانة يقدم لك كأساً جديدة لتعيد تأويل النص من جديد!
فانتظر...ستسترد تأويل نصك، دون أن تحتاج لتفاسير تعبث في نصك، وانت تحاول ان تستعيد تجربتك من جديد!
وإن ساعة الأصدقاء أنتهت، فليكن؛ فأنت لا تحتاج بركتهم كوزير لخليفة فاطمي يرسل بركته بكفه المغطاه بقفاز حريري، لم يبقى من سلطانه الا هذه البركة!
جسده سيستحيل إلى تراب، ويبقى نصك يقيناً...سيخط كمخطوطة...وتبقى حتى تجمع بين دفتين!



الأربعاء، 21 يناير 2015

فكرةٌ


~ فكرةٌ:

هي أشبه بمخاض، تشعر وكأن تدفقاً ما يسير في تعرجات دماغك كما الدم في الأوردة، لكما زاد وهجها، خرج منها الدم لشرايينك، لا يمسكها حتى تهرب من يديك كالزئبق، إلا جريت خلفها، هربت منك كصيدٍ يحاول الفرار من صياده، فتكمن لها كمون الليث للطريدة، وتنتظر ... تنتظر .. تنتظر ..

في هذا الإنتظار الطويل تتذكر، تتذكر كيف صياد السمك، وإن رمى بخيطه فهو لا يفلته، ليس همه الصيد لذاته، ولا السمكة، جل مراده هو هذه الحالة التي ينتظر فيها ... ويتذكر... ويتذكر ...

بمثل هذه الإنتظارات خُلِقَت محطات الإنتظار، ترفع التذكرة في محاولة منك لمغالبة سكرة الإنتظار والتأمل الطويلين، وتخفضها مجدداً، فهذه السكرة تغالبك وتغالبها، الخاسر فيها هو أنت، والوقت يتلهى بك متشفياً!

وتنتظر في المحطة، وتنتظر، وتنتظر، وتنتظر، فإذا تكاثف الضباب، وارسل في السماء، تجلى لك قطار فكرتك حاملاً اياها لك على رصيف المحطة، لتستيقظ من سكرتك لتستحضر فكرتك، عندها فقط أنت تقبض عليها كالجمر، لتعيد بثها من جديد!

كل ذلك الجهد المنصرم استحال إلى رمادٍ أبيضٍ، صحيحٌ أن يديك تقرحت؛ لكنك ارسلت وميضاً كشمعة - لم تلعنها - لكنك أضأتها في ظلامٍ ما ...
وتذكر أن ذلك الهاشمي الذي تحنث في غار مظلمٍ في جبال بكة، خرج للبشرية بأعظم الخير لهم!
أنت لست مثله على كل حال، لكني - وإياك - حالي وحالُكَ كمُلكِ إمرئ القيس، نحاوله أو نموت فنعذرا!

وهذه هي الفكرة؛ إما أن تعذرك، أو تعذر إليها ولها، وأنت - مثلي - لا تزال تبحث عن ومضة جديدة لتصتادها إثناء سكرة الإنتظار في المحطة المخلوقة،
فلا ترمي بالقدح كإمرئ القيس، ولا تلعب مثله بالنرد، فهي ليست حظاً، إنما هي أمرٌ كثأرِ إمرئ القيس نفسه، فلا تضيعها كما أضاع هو ثأره وفكرته، فمات غريباً مغترباً.