الاثنين، 24 يوليو 2017

سقى الله أغنياتنا القديمة ،

أن تكون لك أغنية أولى قديمة ترددها منذ صغرك، تشعر أنها تختصر حكايتك في هذا الكون الشاسع الفسيح، تبدإ من بداية خطواتك الأولى في البيت بعد أن كنت تحبو، لتستمر معك حتى بعد أن تتجاوز منتصف العمر، لتروي بها ومعها سيرتها وسيرتك.

ومع مرور الوقت يزداد تعلقك بها لدرجة يصعب الفكاك بينك وبينها وكأنها أنت وكأنك هي.

في حالتي هي "رزق الله عالعربيات" لهدى حداد أخت نهاد حداد أو كما تعرف بفيروز.

رزق الله عالعربيات..وعايام العربيات
ومن بيت جدي لبيت ستي بيقو يضلوا تلات ساعات

"رزق الله" بالمحكية اللبنانية يقابلها عندنا في المحكية السعودية "سقى الله" وكلاهما تحمل معنى "الله يذكر ذلك الأمر بكل خير"

فيقال: سقى الله ذيك الأيام....ورزق الله ع هيك أيام فاتت"

بلى سقى الله أيام كنت فيها لم أدخل مدرسة بعد، وللذي يتذكر إن كان يتذكر كان هنالك عمل من أداء حيوانات حقيقية بطلته بطه صفراء قام بأداء صوتها وليام عتيق كانت تهرب من ابن عرس فعندما ركبت في عربة تجرها الخيول صدح صوت هدى حداد: رزق الله عالعربيات وعايام العربيات يا مشاوير حلوه كتير يقضوا عمرهن عالطرقات.......

لم تمضي السنون حتى شاهدت الأغنية مع خروج الفضائيات على التلفزيون السوري في برنامج مروان الصواف إذا غنّى القمر، فغنّت هدى مره ثانية: عربية جدي لونين وكانوا يجروها حصانين ولما يروحوا عالصيفية يضلوا بالسفرة يومين
كنا فعلا نستعد للسفر في الصيفية من ذلك العام!

لم أتصور أن ترافقني هدى حداد في حياتي منذ طفولتي لتغدو أغنيتها أثيرة عندي وتحمل الأغنية في كل مرة "مشاوير حلوه كتير" عبر خيالي ووجداني في كل مره استمع لها

حتى كانت مرحلة اقتنائي لأول سيارة وبالتالي أول عطب في إطار السيارة:
"ولما تكون الدرب طلوع وحيل العربية مقطوع
جدي يقول لستي نزلي مشّي قدامي عالكوع
وشد وقشط وغبرة ترش ..... ورزق الله عالعربيات وعايام العربيات"
فغير معنى اللحظة لذكرى متخلفة

عدت يومها للبيت، فوجدت مسلسل الفصول الأربعة السوري يعرض حلقة تحمل عنوان الأغنية يحاول فيها نجيب( بسام كوسا) اصلاح سيارته الأنتيك التي قام باقتنائها، ليقودها في نهاية الحلقة بسرعة يستطيع أبطأ حطور أن يسبقه، فعلا من بيته لبيت حماه "يبقو يضلو تلات ساعات!

لطالما كانت حكاياتي الكثيرة معها مختلفة ومستمرة ولا تنتهي، ولا تزال أغنية هدا حداد هذه عندي عزيزة سقى الله أيامها وذكراتي معها...ورزق الله عالعربيات وعلى هيك أيام حلوة!

https://youtu.be/lfq4JpcpuCg

الاثنين، 17 يوليو 2017

الرحيل من حُلُمِ الحياة!

الرحيل، هو الفصل الأول من الحكاية، وليس الأخير!

الوفاة هو الدخول في نوم عميق لحلم الحياة، هذا الحلم الوهمي الواهن الذي مهما حاولت تأويله لن تجد له مؤلاً مرشداً لك!

الحياة تبدأ بصرخة عند الولادة تعبير عن رفض الاستيقاظ من منام الرحم الآن بعيداً عن كوابيس الحياة، لتدخل بعدها في عمر طويل تدخل معتركه .. هزائمه .. انتصاراته .. أحقاده .. أفراحه .. أحزانه .. كلها تأتيك وتمضي ليسدل الموت عليها ستاره معلنا نهاية المقدمة، ليقدم الرحيل معه الفصل الأول للحكاية!

الموت مهيب، له جلال الملوك إذا حضرت سيرته؛ لأنه هو اليقين الوحيد، هو الاستيقاظ هو البداية لبقية فصول الحكاية!

رحلت اليوم ابنة زميل لنا في العمل، وقع الخبر صباحاً مدوي، وإن كنت تعلمه سلفاً كأنك المنتظر مع أهل المتوفي.

كان يوماً مثقلاً رتيباً كعادة يوم الإثنين عندما ينتصف الأسبوع، وكأن كل شيء يتكرر أمامك، أتى الخبر لعطني السامع صحوةً من حُلُمٍ رتيب، لعله يتذكر أن يعيد ترتيب الأشياء قبل الوفاة!

أ.ه