السبت، 12 أغسطس 2017

كيف نحاكم مبدع؟ هيدوكوجيما نموذجاً [2-1]


في ظل إرهاصات أصدار الجزء الجديد من ميتال جير سوليد الأخير، وما حام حوله من موجة عارمة من المعجبين الذين يرون فيه إلهاً لمطوري الألعاب، فيجب أن نؤكد أن هذه الوثنية في التقييم
 يجب أن تنتهي! 
فالسيد المبجل كوجيما سما، هو مجرد إمتداد لمبدعين يابانيين متأثرين بالإنتاج الإنساي عبر أنحاء المعمورة، كونك يا سيدي المعجب الأعمى المغيب على بصيرته أنك ترى ذلك التأثير في لعبة فيديو لا يعني أن تحول الإنتاج إلى شيء يندرج وكأنه إلياذة جديدة، أو ملحمة جلجامش أخرى، فهذا يا عزيزي يخرج من كونه إعجاباً مفرطاً بعمل ما، ومن تقييمه العالي له، إلى شيء أشبه بالكتاب المقدس!



فكون كوجيما معجباً برواية موبي ديك، واستلهمها في هذا الجزء، وتأثره بالاخراج السينمائي الأمريكي، وافتتانه بهوليوود، وتأثره بالواقعية الإطالية، وطريقة اكيرا كوراساوا في استلاهم الموروث الياباني في أعماله، لا ينفي عنه أنه مبدع رائع مثقف واعي في صناعته، لكنه لا يخول لك أن تخرجه من صفته هذه لتجعل منه إلهاً وثنياً في صناعة العاب الفيديو.
كثر هم المبدعون الذي هم على شاكلته، وصحيح أن القلة منهم مثله، لكنك اذا أردت التغني بعمله وتقييمه يجب أن تخرج من أسر الإنطباع، ومن سجن الذكريات مع السلسلة، ومن وطأة الإنتظار بشغف للقادم الجديد، وان تبدأ أن تنظر للعمل مجرداً من هذه الأمور الدخيلة على نظرتك له، لتستطيع التقييم بكل حيادة دون أن تظلم رأيك في المقام الأول، وأن تظلمه هو ان رأيت في عمله ما يشين.
لهذا فكوجيما غني عن هذا التبجيل لأنه يعلم قيمة نتاجه سلفا، وأنت كذلك غني عن صنع هذه الهالة التي ربما تفقد العمل جزءاً من قيمة التي هو يحملها معه، وأنت سلفاً تعرف مستواها.
وقس هذا الكلام على وثنيات أخرى لمعجبين في مجالات فنية أخرى ... عزيزي القارئ!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

حرر في 28-8-2015
الموافق 14-11-1436
الرياض-11:22 مساءً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق