... في أنقرة ...
... عند شاهدِ قبرِ بجوار شجرة أستلقى بينهما ...
... فمررتُ به ...
أمرؤ القيس : نهارٌ رائقٌ وهواءٌ عليل ... ... أعذرني يا سيدي .. لأنني لا استطيع القيام لك بواجب التحية؛ مفاصلي! فهذه بلادٌ شديدةُ البرد !!
رعد : { وما تدري نفسٌ ما تكسبُ عداً، وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت }
أمرؤ القيس : هاه !! أكاهنٌ أنت ؟ وهذه سجعياتك ؟! ولكن .. أتدري .. لو كان للمرء أن يختار موضع قبره ما أخترت غير نجدٍ !!
رعد : نجد ؟ آآآه ما أبعدنا عنها !!
أمرؤ القيس : وما أقربنا منها !! نسيتني نفسي أن نسيتُ نجداً يوماً !!
رعد : وما الذي يبقيك هنا أيها الملك ؟
أمرؤ القيس : الملك ؟ وما الذي بقي للملك غيرُ نخلةٍ وقبرٍ وصاحبٌ يبكيه، وجسدٌ أعيته قروحُ المرض والصقيع والبرد، وثارٌ مرٌ لم يظفر به !!
رعد : صاحبك ؟ أهو الذي تبكيه عند هذا الشاهد ؟
أمرؤ القيس : بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينك إنما نحاول ملكاً أو نموت فنـعـذرا
رعد : ولكن هذان شاهدان ... من صاحب المرقد الآخر ؟
أمرؤ القيس :إمرأةٌ غريبةٌ ... قالوا أنها دفنت هنا وهي ليست من اهل البلد ... كحالي ... سفارت تطلبُ أمراً فماتد دونه !!
رعد : وما الذي يبقيك هنا بجوارها ؟
أمرؤ القيس : غريبٌ .. يعزي غريبة !!
أجارتنا أنّا غريبانا ها هنا وكلُ غريبٍ للغريب نسيب
رعد : ألا تعودُ معي إلى نجدٍ، تسترجع فيها ما فاتك من أيامك ؟
أمرؤ القيس : قد تأخر الوقت !! .. .. فقد ألفتُ الوحدةَ هنا !!
رعد : الوحدة !!
... ... ومضيت في طريقي عائداً إلى دياري تاركاً أياه متوسداً ذكرياته مع ساعاته الأخيرة ... ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق