الجمعة، 19 يونيو 2020

في مجيء الغداء ...

تمهيد :

كثيرة هي اليوميات التي تستحق أن نلتقطها، وبعضها من تكرارها ورتابتها تحتاج لعين حذقة لتلتقط مكمن الجمال فيها، ولأن أُمورنا اليومية مكرورة فهي مملولة، فلذة العيش أن تختلس هكذا لحظات لتوثقها، لتصبح صورة شعرية مكثفة قد تتلقفها عدسة مصور يوماً ما. 


النص:

كانت الساعة تشير للواحدة، وكان الجوع قد بلغ منا مبلغاً عظيماً، منا من تناول إفطاره مبكراً جداً، ومنا من لم يتناول هذه الوجبة، ودخلنا معترك اليوم منهمكين لم نشعر بالوقت!

- يا ولد الساعة وحدة، كنت احسبها ١١ "قلت الزملاء" 
- علشان كذا اخلص، خل تتغذى أو نقزرها قهوة وتمر "قال الثاني الذي يبدو أنه الأكبر سناً، قد لعب الشيب في شعره رغم أنه لم يتجاوز الرابعة والثلاثون" 
- تبون البيك؟ "اقتراح من الاصغر والذي يبدو كحديث تخرج، بالرغم أنه دخل الثلاثين تواً"

وتم ذلك حتى ما كادت تشير الساعة الثانية حتى وصل الطعام، فنزل صاحب الحكاية التي أروي ليصعد بالطلب، في ظل الكورونا لا يمكن أن نتكل على غريب يلمس حاجياتنا. 

خرج مسرعا، يبدو من فرط جوعه، لكنه عاد ومحياه باسم، ويريد ان يشغل نفسه بقصص جانبية لا معنى لها، وكان أول شخص فينا أنهى وجبة غدائه وذهب ليعد له إبريق شاي، ثم قال وهو يستعد لشرب أول جرعة منه:

"ليتكم ما طلبتم البيك، وليتي ما نزلت، ما شفتوها، كانت صبية صغيرة كأنها الكادي إذا سقي الماء، يملأها الحياة، وكأنها للتو ولدت للحياة، ثم دخلت معتركها ببراءة الفتيات ذواتي الطموح الوردي، ومضها وضاء كنجم تلألأ في كبد السماء، وابتعدت عندي وأنا آخذ أكياس الطعام، وكأنها ارتحلت خلف التلال، الحقيقة أنها جلست بجانب الكرسي عند جهاز تفتيش مدخل البناء، كان كل شيء فيها محتشم، لولا بشاعة كمام الكورونا، لتذكرت الدارمي إذ يقول: قل للميلحة في الخمار الأسود..."

وظل مسترسلا وهو يروي تلك اللحظة الحالمة، ونحن نقول له:" وش بلاك سمالله عليك!! وبضحكات ساخرة" ويرد علينا ويقول:" للغنى اشكال عدة، لكن ألا يتحرك فيك شيء ما إذا شاهدت شيئاً ملفتاً، كجمال الرشا وهو يقفز فرحاً، هكذا كان قلبي عندما شاهد الريم، فنسي المكان، ونسج الشعور وسط الحكاية!
ولكني في مشاعر موازية مستغني لكن لعلها اللحظة التي فقز فيها الاديب داخلي، وإن نظر لظباء مكة فصيدهن حرام إلا في الحل".

- كمل شاهيك كمل، وخل نخلص شغلنا ونروح لعيالنا "قلنا له وحنا نضحك كلنا وهو معنا" 

اعجبتني هذه الصورة، وقررت إلتقاطها فوتوغرافياً لتوثيقها، لأن الحكاية كلما رُوِيَت صارت أجمل وأكثر سحراً


تمت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق