الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

The Ballad of Buster Scruggs or Once Upon a Time coen brothers visited the West

شاهدته وقتها وترددت بالكتابة عنه منذ تلك المشاهدة!

ولعل الخيط الجامع هنا هو عنف المستوطنين الأوائل المؤدي دوما للموت!

وكأن هذا المكان قدر له سلفا أن يكون مقبرة بمساحة ١٠ ملايين كيلو متر مربع اسمها الولايات المتحدة!

نص الفيلم ساحر فهو ينطوي على ٦ حكايات رويت وكأنها قصة موروث شعبي تتناقل على ألسن الناس، تروى لهم في مجالس الحكواتيه او كقصص ما قبل النوم من خلال خلاصة خبرتهم ان صح التعبير خلال هذه الرحلة في صناعة الأفلام، مع استعارات كثيرة من أفلام الغرب الأمريكي للمرور بالحكايات بحقب زمنية مختلفة، يجمعها عنف يتفجر فجأة داخل خالة فوضى لبطل مغمور غير مبالي يحتكم دوما لقناعاته الخاصة وسلاحة طبعا، وكل هذا يصاغ بحوار ساخر كعادة الاخوين كوين.

لكن لعل الفيلم جاء وكأنه مترجماً لكل تلك الرغبة الوردية لنص كتباه منذ خمسة وعشرين عاما ثم رأى النور عبر منصة وعرض سينمائي محدود وكأنه ترجم تلك الرغبة القديمة الدفية للأخوين، لكن مع هذا لم يكن ظهورا متواضعا او انه لم يشد المشاهد لأن تراه او أنك تقف داخلة متسائلا: ما هذا الذي يقدم؟ وما يزيد من مرارة تذوق حلاوة الفيلم هو أن أبرز وأجمل قصتين لم تكونا من كتاباتهما، وانما معالجة لقصص كتاب آخرين، لكنها مرارة الشكولاته السوداء لا الحنظل!

ولعل أكثر قصة تعبيرية من بين القصص التي كتبوها هي قصة "تذكرة الطعام" والتي كأنها جائت لتدخلك في نفق من السوداوية المتحولة من الكوميديا السوداء التي قدموها، وتزداد قتامة مع برودة الجو والحالة التي أمامك، ثم ما تعاود الخروج -كالعادة- للدخول الى القصة التالية!

الجميل في الفيلم، بالرغم من عدم عبور اي شخصية عبر القصص، الا انها بينها هذا الربط الواضح في عبثية الحياة وعشوائية الموت، كما قال محمود درويش:

"فافرَحْ, بأقصى ما استطعتَ من الهدوء,

لأنَّ موتاً طائشاً ضَلَّ الطريقَ إليك

من فرط الزحام وأَجَّلكْ

قَمَرٌ فضوليُّ على الأطلال,

يضحك كالغبيّ

فلا تصدِّقْ أنه يدنو لكي يستقبلَكْ"

ولهذا فالفيلم يسير بك بحكاية بسيطة تلج بك لعالم كتاب الحكايا حتى يزداد الأمر تعقيدا ثم يعود بك لنقطة البداية؛ كما يولد الانسان! جنينا لا روح، ثم جسدا مسجى بلا روح أيضا! وكأن كل شخصيات الفيلم في هذا العالم العبثي كانت دوما تبحث عن معنى لحياتها أو تخلف معنى على الأقل، ولهذا كانت القصة الأخيرة التي قد تبدو للبعث أنها مختلفة عن اخواتها، الا انها تتسق معهم، فهي كلنها رحلة البرزخ، أي التذكرة الأخيرة لعالم سترى فيه أناس ليسوا أواغادا، كان بطل القصة الأولى يبحث عنهم، وكأن هؤلاء الناس عملة نادرة.

هل الأخوين كوين خلال رحلتهم السينمائية الطويلة كانوا يبحثون عن هكذا أشخاص؟

الفيلم يستحق عنوانا فرعيا على الطريقة الكيوبريكية:

The Ballad of Buster Scruggs or Once Upon a Time coen brothers visited the West


حرر في ٢٨ يوليو ٢٠٢١م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق