الخميس، 22 يونيو 2023

من هو الدون كيخوته؟ رحلة مع ميجيل دي ثيربانس!

"لقد أوشكت على الرحيل

وكلي ولع واشتياق للموت

إلهي، أكتب إليك"


مطلع أغنية كتبها ميغيل دي ثيربانتس بالرواية البيزنطية: "الإسبانية الإنجليزية"طبعا هو اشتهر برواية الدون كيخوته.


الدون كيشوت دي لامانشا، ابن اقليم قشتالة الذي يحارب الأشباخ وطواحين الهواء والسحرة والمشعوذين.


ميجيل نفسه الذي عاش ما بين ١٥٤٧م حتى ١٦١٦م، من مدريد وإليها، وجد نفسه أمام اسبانيا مضطربة الهوية، فقبل ٥٠ عام من ولادته سقطت مملكة في الجنوب، مملكة غرناطة ليجد قبيل وفاته بسبع سنين، قرارا من الملك فيليب الثالث بترحيل سكان من أيبيريا، كانت تعج بهم البلاد.


وهو الذي عاش في أقليم اندلوسيا جنوب البلاد، وتنقل في فيه، ما بين أشبيلية وطليطلة وقرطبة وحتى لشبونة في البرتغال، حتى استقر في بلد الوليد ليكتب الفصل الأول لكيشوت! في عام ١٥٩٧، ليصدر بعدها قرار الملك فيليب الثالث بطرد السكان من البلاد.

تُرى، هل الموريسكيون هم الأعداء حقا؟

ولهذا كان كيشوت يحلم بالفروسية؟


ميجيل نفسه خلال اضطراب الهوية الإسبانية هذا، ذهب لإيطاليا في عام ١٥٦٩م ليصطدم مع الهوية التي كان تسبب له هذا الاضطراب الداخلي!

أتتهُ هذه الهوية بقومية جديدة غير ما ألف في بلاده.

العثمانيون!

وجد نفسه في مواجهة حقيقية مع ذاته التي تتنازعها الثنائية القشتالية-الأندلسية!

فشارك بنفسه بمعركة ليبانت، التي كانت بين تحالف أوروبي ضد العثمانيين الذي ما فتأت أوروبا أن أعتبرتهم وحوشا كطواحين هواء مخيال ثيربانتس، لينتهي الأمر به سجينا في وهران بالجزائر، وبقي خمس سنوات حتى أفُتُدِيَ وعاد لبلاده!

هل هذه هي الذاكرة المثقلة التي كان يهرب منها كيشوت؟!


بعد أن عاد للبلاد، ولدت بقية الرواية في السجن الملكي في أشبيلية بعد ثبوته اختلاس المال العام عندما كان حاكما لبلدته لامانشا أو ثيوداد ريال.


ومع ذلك يبدو أن لا أحد شهد هذه الحكاية الطويلة التي هرب منها من ملك، وعاد في عهد ملك إلا هو نفسه، فلا يستطيع إلا أن يحكيها هو، لهذا كان سانشو!


سانشو الذي رافق الدون كيشوت دي لامانشا، مع "روسو" حماره الصغير في أشارة لكل تلك الرحلة المضنية لكاتب لم تعرف روحه الأستقرار أبدا.


السؤال:

هذه الشخصية التي خرجت من رحم لامانشا لتصبح نبيلة، وتبحث عن كل أولائك الذي يستحقون الموت لأجل مقدس ما في وجدان كيشوت، ما منبعها؟

كما هو الحال مع الهوية الإسبانية التي تجد نفسها متنازعة لا تدري إلى أي حضن ترتمي فيه!

فهي كذلك هذه الشخصية المضطربة مثل مؤلفها فهي لا تعرف مستقر الا من راويةٍ رافقهم يدعى سيدي حامد!

لعل هذا أو أكثر ما جال في خاطر الدون ميجيل دي لامانشا، أو الدون كيشوت دي ثيربانتس!




كتبت في ١٤ اغسطس ٢٠١٧م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق