الأربعاء، 17 أغسطس 2022

عندما حضرنا فيلمين في وقت واحد!

عندما حضرنا فيلمين في وقت واحد!



في ذلك اليوم البليد الذي لا يحمل شخصية، الثلاثاء الموافق الثامن عشر من المحرم لعام ١٤٤٤ للهجرة الموافق السادس عشر من أغسطس/ آب لعام ٢٠٢٢ ميلادية، عدت لمنزلي ولم أجد زوجي، ولكن وجدت خادمة أختي عندنا تقول: "سير الحين متى يجي أنبوبه علشان انجب العشاء من الجدر؟"

فوضعت يدي على ذقني وعضضت على شفتي السفلى وقلت في نفسي: "اشغلننا هالشغالة، خابصة أم اللهجتين، ما تعلمت عند الكويتيين الي كانت عندهم الا اللهجة!"

قلت: "يصير خير"

ورفعت السماعة على مندوب التوصيل، وقررت مهاتفته:

- وينك يا ابو علي؟

- متخفش يا باشا انا هناهوه! غمض عين فتح عين تلاقيني قدامك!

قفلت السماعة ورجعت رفعتها:

- انتم جمعة الجيران اليوم؟

- ايه، مجتمعين عند جارتنا أم صالح، صالح تعبان، وأبوه رايح المذنب، يجيب روثانه، واخته تزاعلت مع رجله، واخذها ابو صالح معه تغير جو في سوق التمر، و.. ...

- طيب يا لاري كنج، ما علي بذا كله، تراي عقب ما يخلص العامل، بروح احضر فيلم بالسينما.

- زين، اصلا انا واختك فلانه بكمل السهرة عندنا بالبيت!

- على خير.


ثم ما إن اغلقت سماعة الهاتف، حتى صعد مندوب التوصيل بالانبوبة وقال:

- انا وصلت يا باشا!

- ما معك لّي؟ ولا ساعتها؟

- لا، فكرت عندك!

اطبقت شفتاي ونظرت للأعلى، واشتغلت في رأسي اغنية: sarà perché ti amo ثم حلصت تفاصيل اخرى عن كيفية الخروج من هذا المأزق بكل "فهلوة" اصيلة، انتهت بجلب المواد الناقصة وهندسة الفرن المُشترى حديثاً وسعدت به شغالة اختي كي تعد لهم سهرتهم لهذه الليلة!


وخرجت اسابق الزمن، الى بوليفارد الرياض، لان الفيلم كان هناك، من بطولة مورجن فريمان، كان يحمل اسم: Paradise Highway وأمامي ساعة وثلث حتى اصل هناك، اذ ان رفيقي في المشاهدة سيخرج من عمله مباشرة لهناك، والرحلة الى هناك فجأة تحولت الى سفر من طول المسافة والزحام، إذ ايضا قفزت الى رأسي أغنية: Five Hundred Miles

If you missed the train I'm on

You will know that I am gone

You can hear the whistle blow a hundred miles

A hundred miles, a hundred miles

A hundred miles, a hundred miles

You can hear the whistle blow a hundred miles

ومع استمرار تعداد الاميال في الأغنية يقصر الوقت ولا تقترب المسافة ويزداد عدد السيارات المتعجرفة على الطريق، ولم اصل الا حين انتقل عقلي لمقدمة حلاق اشبيلية لروسيني، وكان الفيلم حينها قد ابتدأ، ولم اجد موقفا للسيارة الا بعد طول عناء في احد الحارات المقابلة، ثم المسافة الطويلة من المشي حتى ان ساعة اليد قالت اني كسرت الرقم القساسي في المشي اليومي مرتين، ثم تيه حتى وجدت صالة السينما المتستره، فقلت: "ما دام الوقت قد فات، لم لا نأخذ اشياء للتسلية، اذا سمحتي، قهوة وفشار صغير وقاروتا ماء!

ثم دخلت وقد كان مر على الفيلم منذ بدايته ساعة الا ثلث، والقاعة فارغة باردة، الا من ثلاثة صفوف:

صف A وبثالث مقعد فتاة تعيد ترتيب زينتها، ثم عن يمينها اربعة مقاعد فارغة ثم شابين متململين يتثائبان!

صف D انا ورفيقي الذي لم يأتي بعد في منتصفه!

صف E وقد اتصف فيه ثمانية مراهقين، وكفى بذلك وصفاً للحالة الحرجة التي كنا فيها!

دخل رفيقي وهو يلهث من تعب الرحلة وهو يرى هؤلاء الثمانية البغيضين، كانوا الاربعة الذين في المنتصف يتحدثون مع بعضهم البعض، واحدهم يكلم تساعهم بالجوال وهو مفعل مضخم الصوت ويحدثه بصوت عالي ايضا، فلما انتهى دخل لبرنامج "سناب شات" وبدأ بمتابعة القنوات بصوت عالي أيضا!

فلما طفح الكيل، صدح الفيلم باغنية One Way Or Another وبدأ احدهم يكح بعد ان علق في حلثة شيء مما كأن يأكله، حتى كاد يقيئ لولا أن تداركنا الله برحمته، وذهب لدورة المياه، وما زالت نفرتيتي نتقش نفسها وكأنها سجاد إيراني!

فقلت لهم: "يا شباب تراكم منتم في ملحق بيتكم!"

رد احدهم وقال: "ان شاء الله" ثم خرجوا جميعا!

بدأنا في لملمة الصورة المفقودة مما فاتنا من الفيلم حتى اذا ما تشابكت الخيوط، اذ عاد ستة منهم وجسلوا، والاثنين اللذين خلفنا قد ناما من البرد، ونفرتيتي مستمرة!

عاد الذي كاد يقيء وجلس خلفنا في صف C فقام احد الستة ولحق به خلفه!

ثم عندما اقترب مورجن فريمان من معرفة وجهة القاتل، خرج الخمسة، وعاد الثامن المفقود، يبحث بين الكراسي حتى وجد هاتفه ثم خرج هو الآخر!

مع رتابه مرت في الفيلم، كدت ان اغفو، لكني فتحت عيني مرة اخرى لاجد الستة قد عادوا ومعهم كمية مفرحات حديدة، ويريدون ان يجلسون في نفس الارقام التي جلسوا فيها اول مرة، ثم بعد نقاس هامس، جلسوا، وتحولوا لاعلان مأكولات من صوت الطحن، فلما انتهى ما بين ايديهم، خرجوا، ثم بقي واحد عند المدخل ينظر للاثنين اللذين خلفنا، الذي كان يقيء وصاحبه، ونفرتيني الان بدأت ترتب حقيبتها!

جلسنا نضحك رغم جدية المشهد الدرامي، اذ ان الفيلم الذي يحدث أمامنا صعب أن تتجاهله!

اتممنا الفيلم بسعادة، فلما انتهى كعادة الحوارات بعد اي فيلم، اعجبك، لم اتوقعه، وهكذا، فلما خرجنا، وجدناهم في الممر، وكأنهم مشهد ما بعد قائمة الممثلين في افلام مارفل!

خرجنا من صالة السينما، لساحة البوليفارد، وكانت الساعة تقريبا الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل، وهنالك اشكال ومواقف واشخاص غريية!

قال لي رفيقي: ايش هذا؟

قلت: هذا زي زمان، فيه قنوات العاب وانمي في الدش، بعد الساعة ١٢ بالليل تقلب المود!

ضحكنا، همت سالته ان نتعشى، فقال: "ما اظني، لأن أمي مسوية عشاء ومبقية لي!

فهذه من اللحظات التي اضعف فيها، فقلت: ابد، الله يساعدك!

وخرجت وفي الطريق توقفت عند Häagen-Dazs واخذت حصتني منه، تسليه الطريق الطويل حتى سيتارتي وهنا عقلي قرر ان تصدح فيه اغنية مايكل جاكسون thriller حتى طريق العودة!



كتبت في اليوم التالي الاربعاء شقيق الخميس من مكتبي

الرياض


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق