الثلاثاء، 15 مارس 2016

عن الثمانية الذين أبغضهم ترانتينو

يبتدئ هذا الفيلم الصاقع الطويل بصورة عريضة من رحلة طويلة لعربة يستوقفها شخص أسود البشرة في وسط الثلج الأبيض الناعم ككرات القطن، وكأفلام كوانتين ترانتينو يحاول شدك من اللحظة الأولى بموسيقى هذه الصورة، يحاول (ومنذ إنجلورياس باسترد) في جعل اللحظة بكل حيثياتها هي بطلة الفيلم، لا ممثل ولا نص؛ لأن كل هؤلاء جزء من اللحظة التي يقدمها لكي تتربع على بطولة أفلامه.

فكرة الفيلم هي حكاية ما قبل في النوم في زمن رعاة البقر، والحكاية رواها في 6 فصول، هو حاول ان يرجع للنمط القديم (المكان مثل مستودع الكلاب، والنص في بلبفكشن) مع حفاظه على الشكل والسرد من أقتل بيل و انجلورياس باسترد، كما انه حاول الغوص في العقل المريض البشري(كما صنع في قتله بالفطرة مع اوليفر ستون) لكنه في السرد كان متسلسل مثل جانجو لكن حدد الفصول حتى تعرف مراحل رواية الحكاية، ولم يرويها بطريقة سرد روائية مثل انجلورياس فكان التقسيم هنا بلا معنى، فقط مجرد التاكيد على هوية الشكل الاسلوبية لترانتينو التي التزم بها ليس إلا، وقدم تركيبة فيها من مراحل التوقف اثناء المشاهدة تذكرك بجاكي برون.
الفيلم يبدأ بأفتتاحية أخاذة وينتهي بختام بارد، لربما تبتسم بعده اذا شاهدت تتر الاسماء؛ لأنك توقن أنها مجرد حكاية شتوية ما قبل النوم، لم يكن يقدم فكرة "ماذا لو؟" التي قدمها في انجلورياس وجانجو، ولا الانتقام الجامح الذي في أقتل بيل، حاول الإحاله لفكرة تغيير الموقف كما حصل مع ويليام ماني في غير مسامح، لكن بلا تبرير حقيقي؛ لأن كل الشخوص لم يكن لديها شيء لتخسره، ومع ذلك مشهد الإقتتال يذكر أيضاً بحالة ويليام ماني (كلنت ايستوود) مع جين هاكمن عندما كلاً منهما أطلق العنان لرغبته الشخصية المحضه، الموسيقى باردة مع برودة طقس الفيلم إلا في مراحل معينة، لكن كالعادة الشخصيات غنية وحوارات طويلة والإخراج يشد بموسيقى معبره عن اللحظة، لتكون اللحظة سيدة الموقف لدى ترانتينو.

يختتم الحكاية قبل أن ينام الصبية المتوحشون الصغار الذين يسهرون على هكذا قصص، أو المشاهدين لهذه الحكاية، أو حتى بطلانا صاحب البشرة السوداء، وصاحب العنق الأحمر الجنوبي، بقصة خطاب لينكون الأسطوري الذي سار به الركبان بين مكذب ومصدق لقصة الخطاب، حتى حين ثقلت الأجفان، أُخرِجَ الخطاب المختضب بالدماء كالعروس، ليُقرأ فيه الكلمات الإخيرة في كل هذه الحكايا.

وطلع الصباح وسكت الجميع عن الكلام المباح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق