الشقة الأولى
ليس رقما للشقة، لكنها الأولى عندما ادخل للسكن، الأولى لناظري على الأقل، لا اراديا التفت اليها، كلما دخلت من المدخل الرئيس للسكن.
هذه الشقة منذ أن هُجِرَت لأسباب اجتماعية-اقتصادية وهي لم تسكن، وظلت هكذا، بابٌ مغلقٌ كأنه مدخل الى حكاية قادمة من عالم موازي.
تمضي الأيام، بين مغادة القصواء للمكان - (القصواء هو اسم سيارتي الأثيرة التي كانت دائما ملاذا لي في ملمات الأيام، سميتها كذلك تيمناً بناقته عليه الصلاة والسلام) - فقد كانت مأمورة بالرحيل، وغادرت في الخريف، تاركةً صورتها باقية في ألبوم الصور.
وفي ذات ليلةٍ طويلةٍ بعد يومٍ حافل، بينما كنتُ أومئ، بالكاد أغفو، لم يظهر لا غراب ولا بوم ولا حتى نورس بطبيعة الحال، التفت لهذه الشقة الأولى، لأجد:
مجموعة من قوارير مياة دورق لبرادات المياه
وبالونات اربعة معلقة على الجدار
ولوحة جدارية
وسجادة على المدخل مكتوب عليها مرحبا بالانجليزية
مهضوم كتير هالجار!
بعد اسبوع، وانا خارج للعمل، وجد قد كتب على اللوحة:
"اللهم انبته نباتا حسنا!"
سألت جاري الفضولي، قال لي: بالأمس، جائت سيارة اسعاف، لأن زوجته ولدت صبيا في البيت!
قلت: اسعاف والا دايه؟
قال: لا اسعاف يا رجل! وجلسنا نضحك!
عدت ليلتها من العمل، وصادفته, فكان الحوار التالي:
- اهلين جار!
- اهلين جار!
- الحق نجيبلك قهوة وشاهي، لكن ما شفتك، لكن جبنالك تمر، بالاحرى عجوة! شوي اجيبهالك!
- تسلم! كتر خيرك!
- ولو جيران النبي لازم!
- عليه الصلاة والسلام!
وذهبت للبيت، ولكن داهمني "call of duty" بين مزدوجين كما يفضلها مدرسي اللغة العربية من الجمهورية!
وبعد انتهاء الواجب، حملت كرتون التمر، ودققت الجرس، ولا من مجيب!
التفت للوحة، وجدتها قد صارت: " اللهم انبتها نباتا حسنا!"
تركت الكرتون عند الباب، وانسحبت من المشهد بهدوء ...
في صباح اليوم التالي، جائتني رسالة صوتية من رقم غير مسجل فحواها:
"أهلين خيي، كتر خيرك، ويجزيك الخير، صار لازم تشرفونا, ما تعرفنا اسمي ابراهيم!"
فرددت برسالة صوتيه مفادها: "ولو، خير الله يا خي، ابشر ان شاء الله"
وانا في الطريق الصباحي المعتاد، اخترت اغنية: برهوم حاكيني لنجاح سلام!
كانت فرصة سارة سعيدة لها -اي الأغنية-
تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق