الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

عن الشغف ...

شغف يشغف شغفا وشغافا فهو مشغوف، وعند العرب هو غلاف القلب وغاليه وغطاؤه، وهو مبلغ ما يقع في قلب المرء، لهذا ذكر رب العزة حب إمرأة العزيز ليوسف عليه السلام بقوله تعالى "شغفها حباً" كناية عن أنه بلغ مبلغا عظيما عندها، ولا يبلغ الشيء هذه المرتبة إلا انه هو وقلبه سواء، ولولا هذا الشغف ما أنهار سلمان الفارسي رضي الله عنه يقبل قدمي النبي الكريم الشريفتين لولا أن شغفه بالبحث عن الحق تمخض عن تلك الحقيقية الأيمانية التي تفجرت حبا، ولولا هذا الشغف ما حكم عبدالرحمن الداخل الأندلس الذي تملكته فكرة أن تكون نبؤة عم أبيه فيه صادقة.

هو شيء يخلق مع ولادة الإنسان، فحتى خامل الذكر تتملكه فكرة تمتلك فيه كل جوارحه، وكل رحلته في الدنيا هي بحث عن مشغوفه اين يصل إليه يريد أن يحققه، فإذا حققه كان كنخلة الداخل، شاهدا على هذا المرء كما شاهد القبر عند دمنته.

هو شيء يولد معه ويبحث عنه ليجده ليشعر انه يستقر، ولكن هو كمخادعة النفس، مثل البحث عن خلود كاذب، لا يصل اليه ابدا، كثأر إمرئ القيس الذي بكى صاحبه دونه، عندما ارتحلا لقيصر، فخلد بكائه بقوله "لا تبكي عيناك وإنما ... نحاول ملكا او نموت فنعذرا".

القلب لا تعرف التعقل، كما العقل لا يعرف التقلب، لكن لا يستغنيان عن بعضيهما، هما كما الاضداد يولدان من رحم واحدة ليصير توأمه المفارق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق