في سلم الطائرة
في المطار
هذا المكان كالبرزخ
انت فيه كأهل الاعراف
وفي انتظار سلم الطائرة كي تصعده
كما لو كان ميعاداً
لكنه ميعاد ضميره مستتر تقديره هو
اما الميعاد الاخر هو ميعاد مضمر كمعنى الشعر
فجأة وسط حديث بالهاتف الجوال، عن هزائم الصداقة، وتطلعات لملمة الهشيم، وجدت يده على كتفي متكئاً، ثم التفت نحوي بابتسامة، فاغلقت هاتفي، وتبادلنا التحايا الحارة، وبدا لي أن لحن رحلة مدن الذهب يعزف في الخلفية، وكنا ايضا نتبادل حديث الخيبات، خيبات من نوع آخر يختلف عما كان في حديث الهاتف، لكنه حديث وموقف يعيد لنا ذكريات من أيام العمر الماضي، ولكن في وسط حديث المستقبل في غرفة التدخين، يتملكك شعور مختلف، شعور كلما حضر، تغمرك سعادة كأنها سعادة الأبدية؛ شعور ان الزمن توقف! أن هذا الشخص والحديث معه، والجلوس اليه، يعيد اليك ذات الشعور الأول، اللقاء والتعارف الأول، الخصومة الأولى، السفرة الأولى، الرحلة البرية الأولى، حتى الاحزان الأولى من رحيل عزيز او فقد صديق!
عجيبة هذه الذكريات كيف تفعل فعلها فينا، كيف تقتحم عليك فجأة بانهمار، كأنه مطر العاصفة، وتزداد قوتها عند رؤية احدهم، يكون منك قريبا، قرب حبل الوريد.
فاذا اقتحمت عليك، فهي تدخل بلا استئذان، تلج كرمح وحشي بن حرب في جسد الحمزة! لكن لا تغادره، بل تنزوي مع مجموع الذكريات الاخرى التي تحبسها في ذاكرتك!
لكن استعادتها دوما جميل، لانك تستعيد معها كل اللحظات التي تحيط بها، مثل صورة غريبة صورتها بكاميرتك الفورية، او هاتفك الجوال، فكلما نظرت اليها تذكرت كل ما استدعى لها.
لكن الفارق بين صورة الهاتف والكاميرا الفورية، ان طرف الصورة قد يكون محروقا، هذا الحرق هو سن الرمح الذي اخترقك، فاحترقت!
على كل حال، ها هو بجانبي الان في مقصورة الطائرة يغط في نوم عميق كالأطفال، متجهين الى وجهتنا.
وهنالك في أقصى الغرب، أحد المحامد السبعة، يتجهة الى وجهتنا، محملا برغبة جامعة للقيا، رغبة وجدت من يلبيها، الصداقة الحقة عافية، والأصدقاء اوطان صغيرة، وقد قال شاعرنا القديم:
بلادي وان جارت علي عزيزة واهلي وان ضنو علي كرام
وقد يكون لهذا الوطن قائد هُمام، يرفع الراية دوما نحو المبتغى.
فهذه الدنيا رحلة على متن طائرة، قصيرة رغم طول مدة الرحلة، لا يبقى منها الا الاحاديث البينية، والذكرى الطيبة!
آه صحيح! كدت انسى! بقيت مني جذوة خلفتها في مدينتي، اسمعها تناديني تعال!
و، نعم! كانت أغنية الرحلة: 99 Luftballons
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق