الخميس، 21 مارس 2024

في ياكوتسك - الوصول

 في ياكوتسكو

أنا اخرج من بوابة مطار ماغان

كاد قلبي أن يتوقف من هول الصدمة
من صدمة الجو والمكان وحتى الموسيقى الترحيبية التي تلف المكان
كنت رافعا هاتفي المحمول حتى أرى الساعة، ولكني هالني نفس الحواء الذي اقتحم روحي عندما فتح الباب الخارجي، فشددت على اسناني، وبيدي لليسرى على عضدي الأيمن، ورفعت رأسي تدريجيا مشدوها، ولم يلد في  خلدي أن درجة الحرارة ستكون ابرد من مورمانسك، ولكنها كانت برودة من عالم الأسطورة!


تسمرت مكاني وأنا أحاول الصراخ باسم ايفان، وبالرغم من تبسم العجوز أمامي محاولة تهدئتي، تظن أني خائف، ولكني فقط: بردان! 

عدت لهاتفي قبل أن يتجمد، لأجد أنه يقيس درجة الحرارة ب ٧١ تحت الصفر!
هنا صرخت بكل ما أوتيت من قوة: إييييفاااااااااان!
-أجننت! كنت أبحث عنك أنت أيضا! كدت اهلك من البرد أنا ايضا!
- وأنت أيضا!
‏- أنا لا أعيش في الصحراء أيها المغفل! أنا اعيش في المدينة! وهذه بلدة تقع وسط سيبيريا! ألم تخبرني مرة عن مدينة في بلدكم وسط الصحراء؟
- الشيبة تعني؟
‏- أظن، كنت قد قلت لك ان اسمها غريب، وكانها كنية للرجل العجوز، المهم أن هنا الصحراء جليدية متجمدة، وعندكم العكس تماما، حر أرمض لا تكاد تبين منه حياة، وهنا برد زمهرير لا تكان تبين منه حياة!
- وهؤلاء الناس؟
‏- كالبدو تماما، يعرفون يعيشون في الصحاري، فاسكت، وادنو مني حتى نركب اقرب أجرة!


في الطريق، بدا كل شيء أبيض مشرئب بخضرة، لا تسقط هنا سوى الثلوج، لا امطار ولا ما شابه، فقط كرات القطن المتدلى من السماء، ومع هذا هنالك تقاطعات من الزحام عند اشارات المرور، لم أصدق أنها التاسعة صباحا، ‏لا يكسر حدة هذا المنظر الذي يبدو بهيا، الا الاضواء الحمراء ودرجات اللون الأحمر، الطبيعي منها والمفتعل، ...


- إلى أين؟
- يجب أن نشتري ملابس، يجب أن نبدو كدببة، وبعض الطعام!
- وشاي؟
- لك؟ ضروري! ولي طبعا حتى أبقى يقضا!


في داخل المتجر، تحول المكان لما يشبه التنور من شدة الحرارة، وكأننا نعيش فب عالمين متوازيين، إذ أن المتجر هو متجر صيني غير مرخص، ولكنه يحوي ألبسة جيدة ونوعيات تصمد في هذا المكان.
كان قد اوصاني ايفان قبلا أن لا اتحدث  وإذا ألح احظهم بسؤالي اكتفي فقط بالقول أنني هندي!


- الآن تبدو كروسي حقيقي، سنخرج الان للنزل في طرف المدينة، حيث سوق السمك قريبا من هناك!
- أرجوك! يكفي! بدأت تظهر حراشف على جسدي، أريد أي كائن اخر قابل للأكل غيره!
- لقد بدأ يظهر عليك الدلال!


ثم اطلقنا حتى نصيب بعضا من الراحة في النزل الذي سنبات فيه، لكن في الطريق مررنا على السوق!
اشبه بسوق مركزي أو شعبي، الكل يبيع اشياء مجمدة هنا:
اسماك
حبار
خضار
معلبات
والباعة بكل برود يقولون: هذا يساعد على الحفظ، افضل من أفضل ثلاجة هههههه، وانا اهز رأسي له مستعجلا حتى انهي هذه المحادثة لاني لا استطيع ان اترك يدي خارج جيبي لأكثر من دقيقة!


- لكن انتظر!
‏- ماذا؟
- كل هذا الجليد ولا يوجد ماء!
- نحن لا نذيب الجليد كي نشرب، بل نجلب الماء من نهر لينا، لا توجد آبار هنا، كل الارض تحتنا متجمدة، فلا يتوفر الماء بسهولة، ....
- لحظة لحظة! لا اريد حصة تاريخ وجغرافيا، كانت مزحة باردة يا رجل! ورمقته بنظرة انك دمرت النكتة!
- اها! طيب! ننطلق؟


في الطريق لم يكن بوسعي خلال هذا الملل الأبيض إلا أن أفكر بشيء يساعد على الدفء، لكني لم استطع! فالبرد يلف المكان كما شمس الصيف في اغسطس عندما تتسلط عليك في وسط زحام بساعة ظهرية داخل مدينة مكتظة!


- لعل اغنية لفرقة Otava Yo تساعدك قليلا، ثم لا تقلق، عندما نصل سنعد الشاي كي نسعد به!