السبت، 19 أغسطس 2017

لماذا نحن ثوريون؟

كُتِبَت في الخامس من أبريل-نيسان لعام ٢٠١٤

إهداء إلى:

أبو عمر، محمد السدحان ( @0MOS0 )


" أنت أصلاً إذا جاء طاري جيفارا والثوار تجي مجلعد! "

قالها أحدهم لصديقه في جلسة سمر، ذات ليلة باردة في وسط صحراء عربية، يمر بها وادٍ عتيق،

فرد عليه صاحبه: " ما المانع ..، كوني ثوريّ ؟ لستُ وحدي على كل حال ! "

في صباح اليوم التالي، إنبثق هذا السؤال: لماذا نحن ثوريون؟


ذكرياتٌ كثيرةٌ توجع القلب، تولد أحساساً بالرفض، لعدة أشياء في مجتمع ما، نعرف منه وننكر، وهو منّا ونحن منهُ، ومع ذلك ما نفتأ نرفض هذه الأشياء حتى حين، لا ندري إلى متى يستمر، وأين سيمضي بنا، يولد فينا أحساساً بالثورة ضدها، فننزوي ظناً منّا أننا نغرد خارج السرب، كالأنبياء!

لكنّي لستُ نبياً! الأنبياء يرفضون المفاهيم، ويثوروا عليها ليعيدوا توظيفها من جديد، أما نحن فنتبنى رؤى، مفاهيم وأطروحات، أملاً في أعادة توظيفها من جديد، فهل نتمكن من ذلك؟ كالأنبياء!

قد قيل لي: " قد مات الثوار، لا أنبياء ولا رُسل! إما بشر أو شياطين أو ملائكة! تنميط في كُلِ ركنٍ من هذا العالم! " وإن يكن؛ إن الإنسان-الفرد الواحد ليس حالة مضطرده، فالمرء في صغره يعبث، فإذا شبَّ ثار وأتقد واستلهم كل تلك الرؤى والأفكار: القومية-الإسلام-الشيوعية-العلمانية-الرأسمالية-الإشتراكية-....الخ يحاول توظيفها من جديد، فإذا تبلورت في رأسه فكرة ورؤية، صار في الثلاثين! خصمه الوحيد هو الوقت!

في محاولة منه ليثور على هذا الخصم، يستعيد مراهقته من جديد، فيتذكر صباه العابث، ويعيد تنقيح تلك الرؤى والأفكار بغربال، ويستعيد ذات السؤال: لماذا نحن ثوريون؟

لماذا نحن قوميون؟

لماذا نحن رأسماليون؟

ولماذا .. ولماذا .. ولماذا ..

ومع تعدد اللماذات، يكتهل المرء فينا، محاولاً صنع ثورة ما ولو على صعيده الشخصي!

" لماذا نحن ثوريون؟ " عندما تتشكل أفكارنا وتوجهاتنا، تتشكل معها تطلعاتنا وأمانينا، تتجزء كل هذه الأشياء في قوالب: ثورة..قومية..علمانية..رأسمالية..لبرالية..الخ بوازعٍ منّا أو بفعل غيرنا، لا فرق؛ فالنتيجة واحدة؛ فحتى لو لم نكن مؤثرين، وحب أن نعتقد أننا كذلك، بل يجب أن نعتقد ذلك، أننا مؤثرين، فالموت لابد إن يأتي، وإذا أتى وقد صرت أرتددتُ إلى أرذل عُمري، أتمنى أن أكون حينا كابن تيمية الذي لم يكفر أحد من أهل القبلة!

لهذا يا صاحبي لا تسألني " لماذا نحن ثوريون ؟ " فأفكارنا وأطروحاتنا ورؤانا هي كمُلك إمرئ القيس يحاوله أو يموتَ فيعذرا!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق