الجمعة، 17 يناير 2020

هل هو مَجاز ؟ - (The Grand Budapest Hotel (2014



~ هل هو مَجاز؟

المجاز في اللغة هو التجاوز والتعدّي. وفي الاصطلاح اللغوي هو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى مرجوح بقرينة. أي أن اللفظ يُقصد به غير معناه الحرفي بل معنى له علاقة غير مباشرة بالمعنى الحرفي.



كلوحة فنية، كقصيدة منقحة من شاعر عتيق، هي حكاية لمعمر متأمل لسيرة لم يكتبها بعد!
هكذا تجمع نجوماً في جو خيالي، لتروي حكاية لطفلك الصغير قبل النوم، كمسرحية حضرتها مع أبيك الذي لا هم له إلا تسليتك أيها الصغير، والموسيقى هي همهمته وأغنياته لك لتنام حتى تصحو لليوم التالي،

.....

بالأمس كانت قصتك جميلة، هل سترويها لي من جديد؟
لا أدري يا بنّي لعلها هي حكاية واحدة تُروى لمرة واحدة في العمر!

.....


في ذلك العالم البعيد، في بقعة ما من القارة العجوز أوروبا، قُبيل إحدى الحروب، حدثت هذه الحكاية، هو مجرد عامل صغير عند مدخل باب أحد الفنادق، ليصبح في اليوم التالي مديراً له، هي احلام الأطفال التي يتمنونها مثل امنياتنا بمصباح علاء الدين.
لكن إنتظر، هذه ليست مجرد أمنية، فهي تذهب خلف كل المضامين التي تركتها الإنسانية خلفها، مشارف حرب بين عده اقطاب في قارة شبيهة باوروبا، وطموح لأبطال من ذوي اصول غير اوروبية وحكايات العشق والحب المغامرة المشاكسة!

الفيلم هنا لا يقدم لك تصور..وجهة نظر..او اعادة طرح..ابداً، هو يقدم لك عالم ساحر يحبسك بداخله وكأنك انت ذاك العامل على باب الفندق، او ذلك الشاب الذي هام بحب عجوزٍ ثريةٍ قبيل اندلاع الحرب، او حتى حفيدها ذاك الوغد السليط اللسان الطامع الطامح، بصورة جمالية ابداعية، بايحاءات لواقع استلهمه تاريخيا كإطار للصورة التي اراد حبسهل ورسمها، سخر له اداءات خلابه وموسيقى ساخرة تجبرك على غوص العالم باشتراطات مبدعه.


ليس من الضروري احياناً ان تقدم على عمل يحوي عمقاً ما، او رسالة مبطنة، .... الخ
لكن ان تقدم فنا متماسكاً نثرت فيه ابداعاً نقدياً بايحاءات اضفت رونقا جديداً عليه، كحكاية لجده ترويها لصغارها، لا تمل من تكرارها، تجربة الجلوس عند حكواتي له اسلوب لوحدها فريده!

الرمزية والمجاز والإيحاء كلها ادوات ادبية، من المهم لكل فنان، شاعراً خطيباً كاتباً مسرحياً او حتى سينمائي ان يكون ملماً بها، ليس دائما من الجميل ان تكون مباشراً في طرحك، كما هو النقيض من ذلك ان تكون غارقاً في الترميز، من الجميل ان تكون ذكياً في استخداماتك لها، كما صنع كوبولا من فاكهة البرتقال رمزاً للموت!

هذا الفندق عالم ساحر فتّان، وتجربة تستحق ان تعاش لك يا عزيزي المشاهد،



حرر في ١٩ يناير ٢٠١٥

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق