الاثنين، 6 مايو 2024

هايكو الشوغون في الخريف الأخير

 كما لو أنهُ بَشَرٌ
يحدقُ إلي
الثعبانُ في الخريف

ياماغوشي سييسون


يبدأ العمل من اضيق مكان في السفينة، حجرة الربان؛ حيث تزدحم الافكار والأراء وسط اضطراب الامواج وتقلب حركة السفينة، يأتي ذلك الحوار البائس بين رجلين عن مدى جدوة الاستمرار في هذه الرحلة، ليتهي الامر بالوقوف القسري عند شواطئ الارخبيل الياباني.

تنتقل بك الكاميرا لزاوية أخرى، حيث ذلك الاجتماع الخماسي لصفوة الصفوة وهم مثقلين بالواجب والعادات والقضية الأسمى، اي خطأ هنا قد يكلفك حياتك، حتى في عالم الموتى.


فوق الغابات الشتوية،
تزمجرُ الريحُ
ليس ثمة أوراق
… 
طار الغراب بعيدا؛
متأرجحا تحت شمس المساء،
شجرة جرداء
… 
ينطفئ المصباح فجأة
تدخل النجوم اللامعة
إطار النافذة
… 
تأمل الميلاد والموت
اللوتس
تفتحت زهراته

ناتسومي سوسوكي


المسلسل كقصيدة الهايكو هذه
معنى مضمر غير مكتمل وصفي للحظة
كرواية غريب وقع في بلاد غريبة يقطنها اناس يتمتعون بتقاليد وعادات اكثر غرابة يغلف كل هذا لغة صوتية لا تتعدى الشفتين واللسان

المسلسل المبني على رواية مستوحاه من واقعة تاريخية، جاء على شكل مقاطع، مقتطفات، وفصول في حكاية عبر فيها رُبّان في لحظة فارقة للارخبيل اقصى الشرق.

وكأن كل ثلاثية الاسطر هذه، تحكي جزء مما حدث، غير مهم الالمام بالتفاصيل بقدر ان تظل مشدوها تجاه الحدث، شدة الوتر الذي يعزف لحن الحكاية.

وفي ظل كل هذا الموت، تغدو الحكاية اقرب لطابع يجنح نحو الاسطورية لهذا الرُبّان الذي لا يدري أهو في حلم ام حقيقة؟

لكن هذا الربان يستمرئ الأمر، من الألقاب التي يلقيها عليه سيدهم، الى هذه الخدمة الممتدة له من سيدات قصر السيد، وابقاء العداء مع الغريم المختلف في الدين وطلب السيادة على عالم البحار.

وبين تفاصيل اليقين الديني والدنيوي، يضيع التعبير وسط الترجمة، بسبب كل محاولات الفهم التي قد لا تسبر المعنى العميق خلف الصورة الشعرية المكثفة!

لهذا يغدو كل موت هنا كاهتزاز امراء الحرب في اليابان الاقطاعية، فلا يبقى الا السنديان الذي أبى الاحتطاب، وحوله بقية الاشجار قد جزت السيوف جزءا منها، كي تظل شاهدة على كل هذا الشرف المزعوم.

النهاية جائت كذلك عظيمة، الهدف منها تخليد فكرة وصورة معا، أن ذلك الشخص الذي نراه يحاول مرغما التخلي عن اي محاولة تعيد السلطة المطلقة في الأمة، اي أن يكون شوغون، معتبرًا اياه من بقايا بائسة لحقبة ماضية لا يريد لها أن تعود، يحاول تجنب الحرب ظاهرا، لكنه يستمر في تحقيق مراده، كي يقول لك: انما العاجز من لا يستبد!


وعند هذه النهاية يجيء وقت تجلس فيه جلسة الافتراش، وتقوم باعداد الشاي، وتتذكر قصيدة كاشيجي يابوشيجي الأخيرة:

"جثتي التي الموت يموج فيها
لا تحرقوها لا تدفنوها اتركوها في المروج
وبها اطعموا كلبا للطعام أحوج"

تمت






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق